المقال الثالث عشر من سلسلة الاحاديث الصحيحة المقال الثالث عشر
من سلسلة الاحاديث الصحيحة
عن أبي عبدالله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
" إن الحلال بين و الحرام بين , وبينهما مشتبهات قد لا يعلمهن كثير من الناس , فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه , ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام , كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه , ألا وأن لكل ملك حمى , ألا وإن حمى الله محارمه , إلا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله , وإذا فسدت فسد الجسد كله , ألا وهي القلب
" رواه البخاري ومسلم .
*الشرح :
قسم النبي صلى الله عليه وسلم الأمور إلى ثلاثة أقسام :
قسم حلال بين لا اشتباه فيه ,
وقسم حرام بين لا اشتباه فيه ,
وهذان واضحان
أما الحلال فحلال ولا يأثم الإنسان به ,
وأما الحرام فحرام ويأثم الإنسان به .
مثل الأول :
حل بهيمة الأنعام ...
ومثال الثاني :
تحريم الخمر .
أما القسم الثالث
فهوالأمر المشتبه الذي يشتبه حكمه هل هو من الحلال أم من الحرام ؟
ويخفى حكمه على كثير من الناس , وإلا فهو معلوم عند آخرين .
فهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم الورع تركه وأن لا يقع فيه
ولهذا قال :
" فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه "
استبرأ لدينه فيما بينه وبين الله , واستبرأ لعرضه فيما بينه وبين الناس
بحيث لا يقولون :
فلان وقع في الحرام , حيث إنهم يعلمونه وهو عند مشتبه
ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لذلك بالراعي يرعى حول الحمى
" أي حول الأرض المحمية التي لا ترعها البهائم فتكون خضراء , لأنها لم ترعى فيها فإنها تجذب البهائم حتى تدب إليها وترعاها "
" كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه "
ثم قال عليه الصلاة والسلام :
" ألا وأن لكل ملك حمى "
يعني بأنه جرت العادة بأن الملوك يحمون شيئا من الرياض التي يكون فيها العشب الكثير والزرع الكثير
" ألا وإن حمى الله محارمه "
أي ما حرمه على عباده فهو حماه , لأنه منعهم أن يقعوا فيه ثم بين أن في الجسد مضغة يعني لحمة بقدر ما يمضغه الاكل إذا صلحت صلح الجسد كله ثم بينها بقوله
" ألا وهي القلب "
وهو إشارة إلى أنه يجب على الإنسان أن يراعي مافي قلبه من الهوى الذي يعصف به حتى يقع في الحرام والأمور المشتبهات .
*فيستفاد من هذا الحديث :
أولا :
أن الشريعة الإسلامية حلالها بين وحرامها بين والمشتبه منها يعلمه بعض الناس .
ثانيا :
أنه ينبغي للإنسان إذا اشتبه عليه الأمر أحلال هو أم حرام أن يجتنبه حتى يتبين له أنه حلال .
*ومن فوائد الحديث :
أن الإنسان إذا وقع في الأمور المشتبه هان عليه أن يقع في الأمور الواضحة فإذا مارس الشيء المشتبه فإن نفسه تدعوه إلى أن يفعل الشيء البين وحينئذ يهلك .
*ومن فوائد هذا الحديث :
جواز ضرب المثل من أجل أن يتبين الأمر المعنوي بضرب الحسي أي أن تشبيه المعقول بالمحسوس ليقرب فهمه .
*ومن فوائد هذا الحديث :
حسن تعليم الرسول عليه الصلاة والسلام بضربه للأمثال وتوضيحها .
*ومن فوائد هذا الحديث :
أن المدار في الصلاح والفاسد على القلب وينبني على هذه الفائدة أنه يجب على الإنسان العناية بقلبه دائما وأبدا حتى يستقيم على ما ينبغي أن يكون عليه .
*ومن فوائد الحديث :
أن فاسد الظاهر دليل على فاسد الباطن لقول النبي صلى الله عليه وسلم
" إذا صلحت صلح الجسد كله , وإذا فسدت فسد الجسد كله "
ففساد الظاهر عنوان فساد الباطن