المقالة الثالثة عشر من سلسلة التاريخ العام المقالة الثالثة عشر
من سلسلة التاريخ العام
3-خلق الجان وقصة الشيطان
ولما كان ذكر الله مطردة للشيطان عن القلب، كان فيه تذكار للناس
كما قال تعالى:
{وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}
[الكهف: 24].
وقال صاحب موسى:
{وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}
[الكهف: 63].
وقال تعالى:
{فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ}
[يوسف: جزء من الأية 42]
يعني:
الساقي لما قال له يوسف: اذكرني عند ربك، نسي الساقي أن يذكره لربه. يعني مولاه الملك.
وكان هذا النسيان من الشيطان،
فلبث يوسف في السجن بضع سنين، ولهذا قال بعده،
{وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ}
[يوسف: 45]،
أي: مدة. وقرىء بعد أمة، أي نسيان.
وهذا الذي قلنا من أن الناسي هو الساقي هو الصواب من القولين، والله أعلم.
وقال الإمام أحمد:
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عاصم،
سمعت أبا تميمة، يحدث عن رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره فقلت: نفس الشيطان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
((لا تقل نفس الشيطان، فإنك إذا قلت نفس الشيطان تعاظم، وقال بقوتي صرعته، وإذا قلت: بسم الله تصاغر حتى يصير مثل الذباب)).
تفرد به أحمد وهو إسناد جيد.
وقال أحمد: حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا الضحاك بن عثمان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن أحدكم إذا كان في المسجد جاء الشيطان فأيس به، كما يئس الرجل بدابته، فإذا سكن له زنقة أو ألجمه))
قال أبو هريرة:
وأنتم ترون ذلك. أما المزنوق، فتراه مائلاً كذا لا يذكر إلا الله.
وأما الملجم، ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل.
تفرد به أحمد.
وقال الإمام أحمد:
حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن ذر بن عبد الله الهمداني، عن عبد الله بن شداد،
عن ابن عباس، قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أحدث نفسي بالشيء - لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة)).
ورواه أبو داود والنسائي من حديث منصور، زاد النسائي، والأعمش كلاهما عن أبي ذر به.
وقال البخاري:
حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة قال: قال أبو هريرة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول من خلق ربك، فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته)).
وهكذا رواه مسلم من حديث الليث، ومن حديث الزهري، وهشام بن عروة، كلاهما عن عروة به.
وقد قال الله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}
[الأعراف: 201].
وقال تعالى:
{وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ}
[المؤمنون: 97-98].
وقال تعالى:
{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
[الأعراف: 200].
وقال تعالى:
{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}
[النحل: 98- 100].
وروى الإمام أحمد، وأهل السنن، من حديث أبي المتوكل:
عن أبي سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه)).
وعبد الله بن مسعود،
وتفسيره في الحديث:
فهمزه: الموتة، وهو الخنق الذي هو الصرع.
ونفخه: الكبر. ونفثه: الشعر.
وثبت في (الصحيحين): عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال:
((أعوذ بالله من الخبث والخبائث)).
قال كثير من العلماء:
استعاذ من ذكران الشياطين، وإناثهم.