المقالة الحادية والعشرون من سلسلة استراحة المقالة الحادية والعشرون
من سلسلة استراحة ثقافية ترفيهية ادبية
وقال أَنس :
كان النبي صلّى الله عليه وسلّم أَرحم النَّاس بالنّسآءِ والصِبّياَنِ
قال الغزالي :
وأَعلى من ذلك أن يزيد
عَلَى ما ذكر ذكَر باحتمال الاذى منهنّ ، والحلم عند طيشهن وغضبهن . فقد كان صلّى الله عليه وسلّم يمزح معهنّ ، وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال والأخلاق كما مضى بعضُ ذلك ، وقد كنّ يراجعنه عليه السلام الكلام وتهجره إحداهن إلى الليل
وراجعت امرأَةُ عمر عمر في الكلام فقال : أَتراجعينني يالَكَاع ؟ فقالت : إِن أَزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم يراجعنه وهو خير منك فقال عمر : خابت حَفصَةُ وخسرت ، أَي إِن راجعته ثم قال لحفصة : لا تغتّري بابنة أَبي قُحَافَة ( يعني عائشة ) فإِنها حِبُّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وخوّفها من المراجعة .
ودفعت إِحداهنَّ في صدر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فَزَبَرَتها أُمها فقال صلّى الله عليه وسلّم : دَعِيهَا فَإِنَّهُنَّ يَصنَعنَ أَكثرَ مِن ذلِكِ
وجرى بينه وبين عائشة كلام حتى أدخل أبا بكر حكما بينه وبينها ، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : تَكَلَّمِينَ أَنتِ أَو أَتَكَلَّم ؟ فقالت : بل تكلم أَنت ولا تقل إِلاَّ حقًّا ، فلطمها أبو بكر حتى أَدمى فاها وقال : أوَ يقول غير الحقّ يا عدوّة نفسها ؟ فاستجارت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقعدت خلف ظهره ، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم : إِنَّا لَم نَدعُكَ لِهذاَ أَو لَم نُرِد منكَ هذَا .
وقالت له مرةً وقد غضبت : أَنت الذي تزعم أَنك نبي الله ؟ فتبسم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واحتمل ذلك حلماً وكرماً ، وكان يقول لها إِنّيِ لأعرِفُ إِذَا كُنتِ عَنّيِ رَاضيَةً وَإِذَا كُنت عَلَيَّ غَضبى قالت : وكيف تعرف ذلك ؟ قال : إِذا رَضيِت قُلتِ لاَ وَإِلهِ مُحَمَّدٍ وَإِذَا غَضِبتِ قُلتِ لاَ وَإِلهِ إِبرَاهِيَم قالت : أَجَل يا رَسول اللهِ ما أهجر إِلاَّ اسمك
وقد ألممت بذلك في قولي :
قال حبيبى منك قد . . . عرَفتُ وقت الغضبِ عند الرضى تحلِفُ بي . . . ومع سواه بأَبي فقلت لا أَهجر إِلاَّ اس . . . مَك يا معِذّبي وقلت : وقد نُبّئَت ليلى بأني بغيرها . . . حلفتُ وأَني للمحبة ناكثُ ولم تَدرِ أنِي ما هجرتُ سوى اسمها . . . وأَن هواها في فؤادىَ ماكثُ وقلت : وقد نُبّئَت أَنى حلفتُ بغيرها . . . وأَنى لعَقد الحبّ فيها لفاسخُ ولم تَدرِ أنِي ما هجرتُ سوى اُسمها . . . وأَن هواها في فؤادىَ راسخُ
وورد عنه صلّى الله عليه وسلّم :
مَن صَبَرَ عَلَى سُوءِ خُلُق اُمرَأَتِهِ أَعطَاهُ الله مِنَ الأَجرِ مثلَ مَا أَعطى أَيُّوبَ عَلَى بَلاَئِهِ ، وَمَن صَبَرَتَ عَلَى سُوء خُلُقِ زَوجها أَعطَاهَا اللهُ مِثلَ ثَوَابِ آسِيَةَ امرَأَةِ فِرعَونَ
وفي الخبر أَنه كان صلّى الله عليه وسلّم من أَفكه الناس مع نسآئه
وقالت عآئشة رضي الله عنها :
سمعت أَصوات أُناس من الحبشة وغيرهم وهم يلعبونَ في يوم عاشورآء ، فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أَتُحِبّيِنَ أَن تَرَي لعبهم ؟ قالت : قلت : نعم يا رسول الله ، فأَرسل إِليهم فجاؤُا وقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين البابين ، ووضع كفَّه على الباب ومدّ يده ، ووضعت ذقني على ذراعه ، وجعلوا يلعبون وأَنظر فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : حَسبكُ فقلت : اُسكت مرَّتين أَو ثلاثاً ، ثم قال لي : يَا عَائِشَةُ حَسبُكِ الآنَ فقلت : نعم فأَشار إِليهم فانصرفوا .
وقال رسول الله :
( أَكمَلُ اُلمؤُمِنينَ أَحسَنُهُم خُلُقاً وَأَلطَفُهُمِ بِأَهلِهِ ) .
وقال عليه السلام :
خَيرُكُم خَيرُكُم لأَهلِهِ وَأَنَا خَيرُكُم لأَهلِى .
وقال عمر رضى الله عنه : ينبغي للرَّجل أَن يكون في أَهله مثلَ الصبّي فِإِذَا التُمِسَ ما عِنده وُجِدَ رَجلاً
ونُقل نحوهُ عن لقمان بلفظ :
ينبغي للعاقل أَن يكون في أَهله كالصبي فإِذا كان في القوم وُجد رجلاً
وقال صلّى الله عليه وسلّم لجابر :
فَهَلاّ بِكراً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعبكَ .
ووصفت أَعرابيةٌ زوجها بعد موته فقالت :
لقد كان والله ضحوكاً إِذا وَلَج ، سَكوتاً إِذا خرج ، آكلاً ما وجد ، غيرَ سائلٍ إِذا فَقد .
وعن عائشة فقالت :
سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو عندى في يومي امرأةً تنشد لحسّان بن ثابت ، فقام عَلَى الباب فأَخذ بِعضادَتَي الباب ثم جعلت أَنظر إِليها بين أُذنيه فقام طويلاً ، ثم قال : حَسبُ ؟ فلم أقل نعم مرَّتين أَو ثلاثاً ثم انصرف . قالت عائشة وأَراد أن يرى مكانى منه وفعله بي .