المقالة السابعة والعشرون من سلسلة التفسير المقالة السابعة والعشرون
من سلسلة التفسير
دورالسنة النبوية فى بيان مافى كتاب الله الكريم
كيفية قضاء السنة على القرآن
السنة تقضي على القرآن بثلاثة أوجه :
1- الأول : إما أن تُبَيِّنَ مجمله .
2- الثاني : وإما أن تخصص عامه .
3- الثالث : وإما أن تقيِّد مطلق
ونستكمل هنا تتمة الوجه الثانى من الاوجه الثلاث:
فائدة هامة ?
هب أنه ليس عندك نص خاص وليس عندك إلاّ العموم فهل تعمل به أم تتوقف ؟
الجواب :
تعمل به ولا تتوقف . تعمل بالعموم ولا تتوقف إنما تعمل بما جاءك من الوحي
والدليل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر قال :
بعثنا رسول الله ? وأمَّرَ علينا أبا عبيدة ابن الجراح نتلقى عيراً لقريش وزودنا جراباً من تمرٍ لم نجد له غيره فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة كنا نمصها كما يمص الصبي ثم نشرب عليها من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبله بالماء فنأكله وانطلقنا على ساحل البحر فَرُفِعَ لنا كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه فإذا هو دابة تدعى العنبر فقال أبو عبيدة : ميتة ولا تحل لنا ، ثم قال : لا بل نحن رسل رسول الله ? وفي سبيل الله وقد اضطررتم إليه فكلوا فأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثمائة حتى سمنا فلما قَدِمْناَ إلى رسول الله ? ذكرنا ذلك له فقال : « هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه شيءٌ فتطعمونا منه ؟ » فأرسلنا منه إلى رسول الله ? فأكل ).
وعند مسلمٍ في صحيحه :
( قال : ولقد رأيتنا نغترف من وَقْبِ عينه بالقِلالِ الدهن ونقتطع منه الفِدَرَكالثَوْر أو قدر الثور فلقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلاً فأقعدهم في وقْبِ عينه وأخذ ضِلْعاً من أضلاعه فأقامها ثُمَّ رَحَلَ أعظم بعير معنا فمرَّ من تحتها وتزودنا من لحمه وشائق (2) فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله ? .... ) الحديث.
فهذا أبو عبيدة أحد العشرة المبشرين بالجنة ? خفيت عليه سنة التخصيص فقال : ( ميتة ولا تحل لنا ) عملاً بالعموم
{ حرمت عليكم الميتة }
لكنه استخدم الرخصة في نفس الأمر :
{ فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه }
فعمل بالعموم الذي جاءه ولم يتوقف حتى يأتيه المخصص .
فيجب عليك إذا كان عندك في أي حكمٍ نصٌّ عام وليس عندك مخصص له أن تعمل بالعام ولا تنتظر حتى يأتيك المخصص لأنك لو انتظرت حتى يأتيك المخصص قد تموت ولا يتهيأ لك معرفته فتكون قصرت فيما أُمِرْتَ بتمامه. والله أعلم.