المقالة الخامسة والثمانون من سلسلة السيرة النبوية المباركة جماع ابواب السرايا بعد فتح خيبر وقبل عمرة القضية المقالة الخامسة والثمانون
من سلسلة السيرة النبوية
قال الحافظ البيهقي في الدلائل:
جماع أبو اب السرايا التي تذكر بعد فتح خيبر
وقبل عمرة القضية
وإن كان تاريخ بعضها ليس بالواضح عند أهل المغازي.
سرية أبي بكر الصديق إلى بني فزارة
قال الامام أحمد:
حدثنا بهز ثنا عكرمة بن عمار، ثنا أياس بن سلمة، حدثني أبي قال:
خرجنا مع أبي بكر بن أبي قحافة وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فغزونا بني فزارة، فلما دنونا من الماء أمرنا أبو بكر فعرسنا، فلما صلينا الصبح أمرنا أبو بكر فشننا الغارة فقتلنا على الماء من مر
قبلنا،
قال سلمة:
ثم نظرت إلى عنق من الناس فيه من الذرية والنساء نحو الجبل وأنا أعدو في آثارهم فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فرميت بسهم فوقع بينهم وبين الجبل،
قال: فجئت بهم
أسوقهم إلى أبي بكر حتى أتيته على الماء وفيهم امرأة من فزارة عليها قشع من أدم ومعها ابنة لها من أحسن العرب، قال فنفلني أبو بكر بنتها،
قال فما كشفت لها ثوبا حتى قدمت المدينة ثم بت فلم اكشف لها ثوبا،
قال
فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال لي
" يا سلمة هب لي المرأة "
قال: فقلت:
والله يا رسول الله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا،
قال:
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني
حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال
" يا سلمة هب لي المرأة "
قال: فقلت:
يا رسول الله والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا،
قال:
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني
حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال
" يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك "
قال: قلت:
يا رسول الله والله ما كشفت لها ثوبا وهي لك يا رسول الله،
قال بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة وفي أيديهم أسارى من المسلمين ففداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة
وقد رواه مسلم والبيهقي من حديث عكرمة بن عمار به.
سرية اخرى مع بشير بن سعد
قال الواقدي:
ثم بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله ومعه جماعة من كبار الصحابة فذكر منهم أسامة بن زيد، وأبا مسعود البدري، وكعب بن عجرة ثم ذكر مقتل أسامة ابن زيد لمرداس بن نهيك حليق بني مرة وقوله حين علاه بالسيف: لا إله إلا الله، وأن الصحابة
لاموه على ذلك حتى سقط في يده وندم على ما فعل
وقد ذكر هذه القصة يونس بن بكير عن ابن اسحاق عن شيخ من بني سلمة عن رجال من قومه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث غالب بن عبد الله الكلبي إلى أرض بني مرة فأصاب مرداس بن نهيك حليفا لهم من الحرقة فقتله أسامة.
قال الامام أحمد:
حدثنا هشيم بن بشير، أنبأنا حصين، عن أبي ظبيان قال:
سمعت أسامة بن زيد يحدث قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، قال فصبحناهم وكان منهم رجل إذا أقبل القوم كان من أشدهم علينا، وإذا أدبروا كان حاميتهم، قال: فغشيته أنا ورجل من الانصار، فلما تغشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الانصاري وقتلته، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ؟ " قال: قلت: يا رسول الله إنما كان متعوذا من القتل، قال فكررها علي حتى
تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ.
وأخرجه البخاري ومسلم من حديث هشيم به نحوه.
السرية التي قتل فيها محلم بن جثامة عامر بن الاضبط
قال ابن إسحاق:
حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط عن ابن عبد الله بن أبي حدرد عن أبيه قال:
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أضم في نفر من المسلمين منهم، أبو قتادة الحارث بن ربعي ومحلم بن جثامة بن قيس،
فخرجنا حتى إذا كنا ببطن أضم مر بنا عامر بن الاضبط الاشجعي على قعود له، معه متيع له ووطب من لبن،
فسلم علينا بتحية الاسلام، فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله لشئ كان بينه وبينه وأخذ بعيره ومتيعه، فلما قدمنا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه الخبر
فنزل فينا القرآن
(يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى عليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا)
[ النساء: 94 ]
هكذا رواه الامام أحمد عن يعقوب عن أبيه عن محمد بن اسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد عن أبيه فذكره.
سرية عبد الله بن حذافة السهمي
ثبت في الصحيحين:
من طريق الاعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن
الحبلى، عن علي بن أبي طالب قال:
استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الانصار على سرية بعثهم
وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، قال فأغضبوه في شئ فقال: اجمعوا لي حطبا فجمعوا فقال: أوقدوا نارا فأوقدوا ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا ؟ قالوا: بلى، قال: فادخلوها قال: فنظر بعضهم إلى بعض، وقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار، قال فسكن غضبه وطفئت النار،
فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له
فقال
" لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف "
وهذه القصة ثابتة أيضا في الصحيحين من طريق يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس