المقالة الثامنة والثمانون من سلسلة السيرة النبوية 3-عمرة القضية المقالة الثامنة والثمانون
من سلسلة السيرة النبوية
3-عمرة القضية
قال موسى ابن عقبة عن الزهرى
وخرجوا إلى الخندمة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وأقام ثلاث ليال، وكان ذلك آخر القضية يوم الحديبية،
فلما أتى الصبح من اليوم الرابع، أتاه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس الانصار يتحدث مع سعد بن عبادة،
فصاح حويطب بن عبدالعزى:
نناشدك الله والعقد لما خرجت من أرضنا فقد مضت الثلاث،
فقال سعد بن عبادة:
كذبت لا أم لك ليس بأرضك ولا بأرض آبائك والله لا يخرج.
ثم نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيلا وحويطبا فقال:
" إن قد نكصت فيكم امرأة، لا يضركم أن أمكث حتى أدخل بها ونصنع الطعام فنأكل وتأكلون معنا "
فقالوا نناشدك الله والعقد إلا خرجت عنا،
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع فأذن بالرحيل،
وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل ببطن سرف وأقام المسلمون وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أبن رافع ليحمل ميمونة،
وأقام بسرف حتى قدمت عليه ميمونة وقد لقيت ميمونة ومن معها عناء وأذى من سفهاء المشركين ومن صبيانهم،
فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف فبنى بها ثم أدلج فسار حتى أتى المدينة،
وقدر الله أن يكون موت ميمونة بسرف بعد ذلك بحين،
فماتت حيث بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر قصة ابنة حمزة إلى أن قال:
وأنزل الله عزوجل في تلك العمرة
(الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص)
فاعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر الحرام الذي صد فيه.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس قال:
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة
- يعني من ذي القعدة سنة سبع –
فقال المشركون:
إنه يقدم عليكم وفد قد وهنتهم حمى يثرب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا الاشواط الثلاثة، وأن يمشوا بين الركنين، ولم يمنعه أن
يرملوا الاشواط كلها إلا الابقاء عليهم.
قال الامام أحمد:
حدثنا محمد بن الصباح ثنا اسماعيل ابن زكريا عن عبد الله بن عثمان، عن أبي الطفيل عن ابن عباس
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مر الظهران من عمرته بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا تقول:
ما يتباعثون من العجف، فقال أصحابه: لو انتحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحومه وحسونا من مرقه أصبحنا غدا حين ندخل على القوم وبنا جمامة، فقال
" لا تفعلوا ولكن اجمعوا لي من أزوادكم فجمعوا له وبسطوا الانطاع
فأكلوا حتى تركوا، وحشى كل واحد منهم في جرابه،
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد، وقعدت قريش نحو الحجر فاضطبع بردائه ثم قال
" لا يرى القوم فيكم غميزة "
فاستلم الركن ثم رمل، حتى إذا تغيب بالركن اليماني مشى إلى الركن الاسود، فقالت قريش:
ما يرضون بالمشي أما أنهم لينفرون نفر الظباء،
ففعل ذلك ثلاثة أطواف فكانت سنة.
قال أبو الطفيل:
وأخبرني ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في حجة الوداع.
تفرد به أحمد من هذا الوجه.
وقال أبو داود:
ثنا أبو سلمة موسى ثنا حماد - يعني ابن سلمة - أنبأنا أبو عاصم الغنوي، عن أبي الطفيل قال:
قلت لابن عباس: يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد (رمل) بالبيت وأن ذلك سنة ؟ فقال: صدقوا وكذبوا، قلت ما صدقوا وما كذبوا ؟ قال صدقوا رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذبوا ليس بسنة، إن قريشا زمن الحديبية قالت: دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النغف ، فلما صالحوه على أن يجيئوا من العام المقبل فيقيموا بمكة ثلاثة أيام، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركون من قبل قعيقعان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه " ارملوا بالبيت ثلاثا " قال وليس بسنة.
وقد رواه مسلم من حديث سعيد الجريري وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي
حسين وعبد الملك بن سعيد بن أبجر ثلاثتهم عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن ابن عباس به نحوه.
وكون (الرمل) في الطواف سنة
مذهب الجمهور،
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رمل) في عمرة القضاء وفي عمرة الجعرانة أيضا
كما رواه أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس فذكره.
وثبت في حديث جابر عند مسلم وغيره أنه عليه السلام (رمل) في حجة الوداع في الطواف،
ولهذا قال عمر بن الخطاب فيم (الرملان) وقد أطال الله الاسلام ؟ ومع هذا لا نترك شيئا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وموضع تقرير هذا كتاب الاحكام.
وكان ابن عباس في المشهور عنه
لا يرى ذلك سنة كما ثبت في الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس قال:
إنما سعى النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت وبالصفا والمروة ليرى المشركين قوته.
لفظ البخاري.
والمشهور
أن ذلك كان في عام الفتح والله أعلم.