المقالة الثالثة والتسعون من سلسلة السيرة النبوية المقالة الثالثة والتسعون
من سلسلة السيرة النبوية
3-غزوة مؤتة
قال ابن هشام:
وحدثني من أثق به من أهل العلم:
أن جعفر أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة،
فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث يشاء،
ويقال:
إن رجلا من الروم
ضربه يومئذ ضربة، فقطعه بنصفين.
قال ابن اسحاق
وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، قال:
حدثني أبي الذي أرضعني وكان أحد بني مرة بن عوف قال:
فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه
فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ويقول:
أقسمت يا نفس لتنزلنه * لتنزلن أو لتكرهنه
إن أجلب الناس وشدوا الرنه * مالي أراك تكرهين الجنة
قد طال ما قد كنت مطمئنة * هل أنت إلا نطفة في شنة.
وقال أيضا:
يا نفس إن لا تقتلي تموتي * هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت * إن تفعلي فعلهما هديت
يريد صاحبيه زيدا وجعفرا، ثم نزل.
فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال:
شد بهذا صلبك، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت، فأخذه من يده فانتهس منه نهسة.
ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال:
وأنت في الدنيا، ثم " ألقاه من يده ثم أخذ سيفه ثم تقدم فقاتل حتى قتل رضي الله عنه.
قال:
ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان.
فقال:
يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم.
قالوا: أنت.
قال: ما أنا بفاعل، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد،
فلما أخذ الراية دافع القوم وخاشى بهم ثم انحاز وانحيز عنه حتى انصرف بالناس.
قال ابن إسحق:
ولما أصيب القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني –
أخذ الراية زيد ابن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدا، قال: ثم
صمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تغيرت وجوه الانصار، وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهون، ثم قال: أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا، ثم قال: لقد رفعوا إلي [ في ] الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب، فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة ازورارا عن سريري صاحبيه، فقلت عم هذا ؟ فقيل لي: مضيا وتردد عبد الله بن رواحة بعض التردد ثم مضى.
هكذا ذكر ابن اسحاق هذا منقطعا،
وقد قال البخاري:
ثنا أحمد بن واقد، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس بن مالك:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبر، فقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم.
تفرد به البخاري ورواه في موضع آخر
وقال فيه وهو على المنبر:
وما يسرهم أنهم عندنا.
وقال البخاري
ثنا أحمد بن أبي بكير، ثنا مغيرة بن عبد الرحمن المخزومي - وليس بالحرامي - عن عبد الله بن سعيد، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال:
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قتل زيد فجعفر، وأن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة، قال عبد الله كنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ووجدنا في جسده بضعا وتسعين من ضربة ورمية
تفرد به البخاري أيضا.
وقال البخاري أيضا:
حدثنا أحمد: ثنا ابن وهب، عن ابن عمرو، عن [ ابن ] أبي هلال - هو سعيد بن أبي هلال الليثي - قال:
وأخبرني نافع أن ابن عمر أخبره أنه وقف على جعفر بن أبي طالب يومئذ وهو قتيل فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شئ في دبره، وهذا أيضا من أفراد البخاري.
ووجه الجميع بين هذه الرواية والتي قبلها:
أن ابن عمر اطلع على هذا العدد، وغيره اطلع على أكثر من ذلك،
وان هذه في قبله أصيبها قبل أن يقتل، فلما صرع إلى الارض ضربوه أيضا ضربات في ظهره، فعد ابن عمر ما كان في قبله وهو في وجوه الاعداء قبل أن يقتل رضي الله عنه.
ومما يشهد لما ذكره ابن هشام من قطع يمينه وهي ممسكة اللواء ثم شماله
ما رواه البخاري:
ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا عمر بن علي، عن اسمعيل بن أبي خالد عن عامر قال:
كان ابن عمر إذا حي ابن جعفر قال: السلام عليك يا بن ذي الجناحين.
ورواه أيضا في المناقب والنسائي:
من حديث يزيد بن هرون عن إسماعيل بن أبي خالد،
وقال البخاري
ثنا أبو نعيم
ثنا سفيان، عن اسمعيل، عن قيس بن أبي حازم قال:
سمعت خالد بن الوليد يقول:
لقد دق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفحة يمانية.
ثم رواه عن محمد بن المثنى عن يحيى بن اسمعيل حدثني قيس، سمعت خالد بن الوليد يقول:
لقد دق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف وصبرت في يدي صفحة يمانية
انفرد به البخاري.