6-أهلآ بحبيب طال انتظارنا له 6-مرحبآ بحبيب طال انتظارنا له
المقامات الرمضانية
المقامة السادسة
من سلسلة نفحات نورانية ومنح إلهية
من روائع
شيخ الاسلام بن قيم الجوزية
فى رائعته :
حادى الارواح الى بلاد الافراح
((الجنة))
الباب الأول:
6- في بيان وجود الجنة الآن
وقال ابن الخطيب في تفسيره المشهور
واختلفوا في الجنة المذكورة في هذه الآية
هل كانت في الأرض أو في السماء
وبتقدير أنها كانت في السماء
فهل هي الجنة التي هي دار الثواب وجنة الخلد
أو جنة أخرى ؟
فقال ابو القاسم البلخي وأبو مسلم الأصبهاني :
هذه الجنة في الأرض وجملا الأهباط على الأنتقال من بقعة إلى بقعة
كما في قوله
أهبطوا مصرا
واحتجا عليه بوجوده
القول الثاني
وهو قول الجبائي
أن تلك الجنة التي كانت في السماء السابعة
والقول الثالث
(((وهو قول جمهور أصحابنا )))
أن هذه الجنة هي دار الثواب
وقال أبو القاسم الراغب في تفسيره
واختلف في الجنة التي أسكنها آدم
فقال بعض المتكلمين
كان بستانا جعله الله تعالى له امتحانا ولم يكن جنة المآوى
وذكر بعض الاستدلال على القولين
وممن ذكر الخلاف أيضا
أبو عيسى الرماني في تفسيره
(((واختار أنها جنة الخلد )))
ثم قال
والمذهب الذي إخترناه قول الحسن وعمرو وواصل واكثر أصحابنا وهو قول أبي علي وشيخنا أبي بكر وعليه أهل التفسير
وأختار أبن الخطيب التوقف في المسألة
وجعله قولا رابعا فقال
والقول الرابع أن لكل ممكن والإدلة متعارضة فوجب التوقف وترك القطع
قال منذر بن سعيد
والقول
بإنها جنة في الأرض ليست جنة الخلد قول أبي حنيفة وأصحابه
قال
وقد رأيت أقواما نهضوا لمخالفتنا في جنة آدم عليه السلام
بتصويب مذهبهم
=من غير حجة إلا الدعاوي والأماني=
ما أتوا بحجة من كتاب ولا سنة ولا اثر عن صاحب ولا تابع ولا تابع التابع ولا موصولا ولا شاذا مشهورا
وقد أوجدناهم أن فقيه العراق ومن قال بقوله قالوا
أن جنة آدم ليست جنة الخلد وهذه الدواوين مشحونة من علومهم ليسوا عند أحد من الشاذين بل بين رؤساء المخالفين
وإنما قلت هذا
ليعلم اني لا انصر مذهب أبي حنيفة
وإنما أنصر ما قام لي عليه الدليل من القرآن والسنة
هذا أبن زيد المالكي يقول في تفسيره
سألت أبن نافع عن الجنة أمخلوقة هي
فقال السكوت عن الكلام في هذا أفضل
وهذا أبن عيينة يقول في قوله عز وجل
إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى
قال يعني في الأرض
وابن نافع وامام وأبن عيينة امام وهو لا يأتوننا بمثلهما ولا من يضاد قوله لهما
وهذا ابن قتيبة ذكر في كتاب المعارف بعد ذكره خلق الله لآدم وزوجه قال
ثم تركتهما وقال
أثمروا واكثروا وأملؤا الأرض وتسلطوا على انوان البحور وطير السماء والأنعام وعشب الأرض وشجرها وثمرها
فأخبر ان في الرض خلقه وفيها امره
ثم قال
ونصب الفردوس فانقسم على اربعة انهار
=سيحون ودجلة والفرات والنيل=
ثم قال بعد كلام
ثم اخرجه من مشرق جنة عدن إلى الأرض التي منها أخذ
ثم قال قال وهب
وكان مهبطه حين أهبط من جنة عدن في شرقي أرض الهند
قال
واحتمل قابيل أخاه حتى اتى به واديا من اودية اليمن في شرقي عدن فكمن فيه
وقال غيره فيما نقل أبو صالح عن أبن عباس في قوله
أهبطوا
هو كما يقال هبط فلان أرض كذا وكذا
قال منذر بن سعيد
فهذا وهب بن منبه يحكي أن آدم عليه السلام خلق في الأرض وفيها سكن وفيها نصب له الفردوس
وإنه كان بعدن وإن أربعة أنهار أنقسمت من ذلك النهر الذي كان يسمى فردوس آدم
وتلك الأنهار بقيت في الأرض لاختلاف بين المسلمين في ذلك
فاعتبروا يا اولي الألباب
وأخبر ان الحية التي كلمت آدم كانت من أعظم دواب البر ولم يقل من أعظم دواب السماء فهم يقولون إن الجنة لم تكن في الأرض وإنما كانت فوق السماء السابعة ثم قال وأخرجه من مشرق جنة عدن وليس في جنة المآوى مشرق ولا مغرب لأنه
لا شمس فيها
ثم قال وأخرجه إلى الأرض التي اخذ منها يعني أخرجه من الفردوس الذي نصب له في عدن في شرقي أرض الهند
وهذه الأخبار التي حكى ابن قتيبة إنما تنبئ عن أرض اليمن وعن عدن وهي من أرض اليمن
وأخبر أن الله نصب الفردوس لآدم عليه السلام بعدن
ثم أكد ذلك بأن قال أربعة الأنهار التي ذكرناها منقسمة عن النهر الذي كان يسمى فردوس آدم
قال منذر وقال ابن قتيبة عن ابن منبه عن أبي هريرة قال واشتهى آدم عند موته قطفا من الجنة التي كان فيها بزعمهم على ظهر السماء السابعة وهو في الأرض فخرج أولاده يطلبون ذلك له حتى بلغتهم الملائكة موته
فأولاد آدم كانوا مجانين عندكم إن كان ما نقله إبن قتيبة حقا يطلبون لابيهم ثمر جنة الخلد في الأرض
قال ونحن لم نقل غير ما قال هؤلاء
تعليق الكاتب :
والحديث فى هذه المسألة أفرد له شيخ الاسلام بن قيم الجوزية أبوابآ عديدة فى ذكر حجج كل طرف ...........
لكنى (((سأريح القارئ)))
من هذه المساجلات العلمية الطويلة
فأقول :
أن القول الراجح فى المسالة هو :
أن الجنة التى أهبط الله منها آدم وحواء هى جنة الخلد
دارالجزاء والنعيم
وفى المقال التالى سوف أنقل لكم أقوال أهل العلم
(((على أنها جنة الخلد وانها موجودة الآن)))
وفيهم شيخ الاسلام بن قيم الجوزية نفسه
وبالله التوفيق.