8-تغريدات نورانية فى شهرالنور تغريدات نورانية فى شهرالنور-8
التغريدة الثامنة
نفحات نورانية ومنح ربانية
قراءة فى كتاب
الوابل الصيب من الكلم الطيب
تأليف
شيخ الاسلام
محمد بن ابى بكر بن ايوب الزرعى الدمشقى
الشهير بابن قيم الجوزية691-751هجرية
...تتمة:
3-تعظيم الامر والنهى
والمقصود
ان الله عز وجل قد امد العبد في هذه المدة اليسيرة بالجنود والعدد والامداد
وبين له بماذا يحرز نفسه من عدوه وبماذا يفتك نفسه إذا اسر
وقد روى الامام أحمد رضي الله عنه والترمذي من حديث الحارث الاشعري عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) انه قال:
ان الله سبحانه وتعالى امر يحيى بن زكريا ( صلى الله عليه وسلم ) بخمس كلمات ان يعمل بها ويامر بني اسرئيل ان يعملوا بها
وانه كاد ان يبطئ بها
فقال له عيسى عليه السلام
ان الله تعالى امرك بخمس كلمات لتعمل بها وتامر بني اسرائيل ان يعملوا بها فاما ان تامرهم واما ان امرهم
فقال يحيى
اخشى ان سبقتني بها ان يخسف بي واعذب
فجمع يحيى الناس في بيت المقدس فامتلا المسجد
وقعد على الشرف فقال
ان الله تبارك وتعالى امرني بخمس كلمات ان اعملهن وامركم ان تعملوا بهن
اولهن
ان تعبدوا الله ولاتشركوا به شيئا
وان من اشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق فقال هذه داري وهذا عملي فاعمل واد الي فكان يعمل و يؤدي إلى غير سيده فايكم يرضي ان يكون عبده كذلك
وان الله امركم بالصلاة
فاذا صليتم فلا تلتفتوا فان الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يكن يلتفت
وامركم بالصيام
فان مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك كلهم يعجب أو يعجبه ريحه وان ريح الصائم اطيب عند الله تعالى من ريح المسك
وامركم بالصدقة
فان مثل ذلك مثل رجل اسره العدو فاوثقوا يديه إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه فقال انا افتدي منكم
بالقليل والكثير
ففدى نفسه منهم
وامركم ان تذكروا الله تعالى
فان مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في اثره سراعا حتى اذا اتى على حصن حصين فاحرز نفسه منهم كذلك العبد لايحرز نفسه من الشيطان الا بذكر الله تعالى
قال النبي ( صلى الله عليه وسلم )
وانا امركم بخمس الله امرني بهن
السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة
فانه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه الا ان يراجع ومن ادعى دعوى الجاهلية فانه من جثى جهنم
فقال رجل
يارسول الله وان صلى وصام
قال
وان صلى وصام فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله
قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
فقد ذكر ( صلى الله عليه وسلم ) في هذا الحديث العظيم الشان الذي ينبغي لكل مسلم حفظه وتعقله ما ينجي من الشيطان وما يحصل للعبد به الفوز والنجاة في دنياه واخراه
فذكر مثل الموحد والمشرك
= فالموحد كمن عمل لسيده في داره وادى لسيده مااستعمله فيه =والمشرك كمن استعمله سيده في داره فكان يعمل ويؤدي خراجه وعمله إلى غير سيده
فهكذا المشرك يعمل لغير الله تعالى في دار الله تعالى ويتقرب إلى عدو الله بنعم الله تعالى
ومعلوم ان العبد من بني ادم لو كان مملوكه كذلك لكان امقت المماليك عنده وكان اشد شيئا غضبا عليه وطردا له وابعادا
وهو مخلوق مثله كلاهما في نعمة غيرهما
فكيف برب العالمين الذي ما بالعبد من نعمة فمنه وحده لاشريك له ولا ياتي بالحسنات الا هو ولا يصرف السيئات الا هو وهو وحده المنفرد بخلق عبده ورحمته وتدبيره ورزقه ومعافاته وقضاء حوائجه فكيف يليق به مع هذا ان يعدل به غيره في الحب والخوف والرجاء والحلف والنذر والمعاملة
فيحب غيره كما يحبه أو اكثر ويخاف غيره ويرجوه كما يخافه او اكثر
وشواهد احوالهم بل واقوالهم واعمالهم ناطقة بانهم يحبون انداده من الاحياء والاموات ويخافونهم ويرجونهم ويطلبون رضاءهم ويهربون من سخطهم اعظم مما يحبون الله تعالى ويخافون ويرجون ويهربون من سخطه
وهذا هو الشرك الذي لايغفره الله عز وجل
قال الله سبحانه وتعالى
((إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء))