214-المقالة الرابعة عشربعد المائتين من سلسلة السيرة النبوية 7-كتاب حجة الوداع بيان الموضع الذى أهل منه عليه السلام 214-المقالة الرابعة عشر بعد المائتين
من سلسلة السيرة النبوية
7-كتاب حجة الوداع
2-تتمة .....بيان الموضع الذي أهلَّ منه عليه السلام
واختلاف الناقلين لذلك وترجيح الحق في ذلك
وروى مسلم عن قتيبة، عن حاتم بن إسماعيل، عن موسى بن عقبة، عن سالم، عن أبيه قال:
بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيها، والله ما أهلَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلا عند الشجرة حين قام به بعيره.
وهذا الحديث يجمع بين رواية ابن عمر الأولى وهذه الروايات عنه،
وهو أن الإحرام كان من عند المسجد،
ولكن بعد ما ركب راحلته واستوت به على البيداء
- يعني: الأرض - وذلك قبل أن يصل إلى المكان المعروف بالبيداء.
ثم قال البخاري في موضع آخر:
حدثنا محمد ابن أبي بكر المقدمي، ثنا فضيل بن سليمان، ثنا موسى بن عقبة، حدثني كريب عن عبد الله بن عبَّاس قال:
انطلق النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم من المدينة بعد ما ترجل وادَّهن، ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه، وله ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس، إلا المزعفرة التي تردع على الجلد، فأصبح بذي الحليفة، ركب راحلته حتَّى استوى على البيداء أهلَّ هو وأصحابه، وقلَّد بدنه، وذلك لخمس بقين من ذي القعدة، فقدم مكة لأربع خلون من ذي الحجة، فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، ولم يحل من أجل بدنه لأنه قلَّدها، لم تزل بأعلا مكة عند الحجون وهو مهلّ بالحج، ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتَّى رجع من عرفة، وأمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يقصروا من رؤوسهم ثم يحلوا، وذلك لمن لم يكن معه بدنة قلَّدها، ومن كانت معه امرأته فهي له حلال والطيب والثياب.
انفرد به البخاري.
وقد روى الإمام أحمد عن بهز بن أسد وحجاج، وروح بن عبادة، وعفان بن مسلم، كلهم عن شعبة قال:
أخبرني قتادة قال:
سمعت أبا حسان الأعرج الأجرد، وهو مسلم بن عبد الله البصري عن ابن عبَّاس.
قال:
صلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الظهر بذي الحليفة، ثم دعا ببدنته فأشعر صفحة سنامها الأيمن، وسلت الدم عنها، وقلَّدها نعلين، ثم دعا براحلته فلما استوت على البيداء أهلَّ بالحج.
ورواه أيضاً عن هشيم:
أنبأنا أصحابنا منهم شعبة فذكر نحوه.
ثم رواه الإمام أحمد أيضاً عن روح وأبي داود الطيالسي، ووكيع بن الجراح، كلهم عن هشام الدستوائي عن قتادة به نحوه.
ومن هذا الوجه رواه مسلم في صحيحه، وأهل السنن في كتبهم.
فهذه الطرق عن ابن عبَّاس من أنه عليه السلام أهلَّ حين استوت به راحلته أصح وأثبت من رواية خصيف الجزري عن سعيد بن جبير عنه، والله أعلم.
وهكذا الرواية المثبتة المفسرة أنه أهلَّ حين استوت به الراحلة مقدمة على الأخرى لاحتمال أنه أحرم من عند المسجد حين استوت به راحلته، ويكون رواية ركوبه الراحلة فيها زيادة علم على الأخرى والله أعلم.
ورواية أنس في ذلك سالمة عن المعارض،
وهكذا رواية جابر بن عبد الله في صحيح مسلم من طريق جعفر الصادق عن أبيه، عن أبي الحسين زين العابدين، عن جابر في حديثه الطويل الذي سيأتي، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أهلَّ حين استوت به راحلته سالمة عن المعارض والله أعلم.
وروى البخاري:
من طريق الأوزاعيّ سمعت عطاء، عن جابر بن عبد الله أن إهلال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من ذي الحليفة حين استوت به راحلته.
فهذه الطرق كلها دالة على القطع أو الظن الغالب أنه عليه السلام أحرم بعد الصلاة، وبعد ما ركب راحلته، وابتدأت به السير.
زاد ابن عمر في روايته:
وهو مستقبل القبلة.