218-المقالة الثامنة عشر بعد المائتين من سلسلة السيرة النبوية 13-كتاب حجة الوداع اقوال اهل العلم فى انواع الحج 218-المقالة الثامنة عشربعد المائتين
من سلسلة السيرة النبوية
13-كتاب حجة الوداع
وقوله:
وبدأ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأهلَّ بالعمرة ثم أهلَّ بالحج، إن أريد به بدأ بلفظ العمرة على لفظ الحج بأن قال:
((لبيك اللهم عمرة وحجاً))
فهذا سهل ولا ينافي القرآن.
=وإن أريد به أنه أهلَّ بالعمرة أولاً ثم أدخل عليها الحج متراخٍ، ولكن قبل الطواف قد صار قارناً أيضاً،
=وإن أريد به أنه أهلَّ بالعمرة ثم فرغ من أفعالها تحلل أو لم يتحلل بسوق الهدي، كما زعمه زاعمون، ولكنه أهلَّ بحج بعد قضاء مناسك العمرة وقبل خروجه إلى منى،
فهذا لم ينقله أحد من الصحابة كما قدمنا.
=ومن ادعاه من النَّاس فقوله مردود لعدم نقله، ومخالفته الأحاديث الواردة في إثبات القران كما سيأتي.
بل والأحاديث الواردة في الإفراد كما سبق والله أعلم .
و الظاهر و الله أعلم:
أن حديث الليث هذا عن عقيل، عن الزُّهري، عن سالم عن ابن عمر يروى من الطريق الأخرى عن ابن عمر حين أفرد الحج، ومن محاصرة الحجاج لابن الزبير فقيل له:
أن النَّاس كائن بينهم شيء فلو أخرَّت الحج عامك هذا.
فقال:
إذاً أفعل كما فعل النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم
يعني: زمن حصر عام الحديبية، فأحرم بعمرة من ذي الحليفة،
ثم لما علا شرف البيداء قال:
ما أرى أمرهما إلا واحداً،
فأهلَّ بحج معها،
فاعتقد الراوي أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
هكذا فعل سواء،
بدأ فأهلَّ بالعمرة ثم أهلَّ بالحج، فرووه كذلك.
وفيه نظر لما سنبينه،
وبيان هذا في الحديث الذي رواه عبد الله بن وهب،
أخبرني مالك بن أنس وغيره
أن نافعاً حدثهم أن عبد الله بن عمر خرج في الفتنة معتمراً وقال: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فخرج فأهلَّ بالعمرة، وسار حتَّى إذا ظهر على ظاهر البيداء التفت إلى أصحابه فقال:
((ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة)).
فخرج حتَّى جاء البيت فطاف به، وطاف بين الصفا والمروة سبعاً لم يزد عليه، وأرى أن ذلك مجزياً عنه وأهدى.
وقد أخرجه صاحب الصحيح من حديث مالك.
وأخرجاه من حديث عبيد الله عن نافع به.
ورواه عبد الرزاق عن عبيد الله، وعبد العزيز ابن أبي رواد،
عن نافع به نحوه.
وفيه ثم قال في آخره:
هكذا فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفيما رواه البخاري حيث قال: حدثنا قتيبة، ثنا ليث عن نافع أن ابن عمر أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير.
فقيل له:
إن النَّاس كائن بينهم قتال، وإنا نخاف أن يصدوك.
قال:
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، إذاً أصنع كما صنع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، إني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة.
ثم خرج حتَّى إذا كان بظاهر البيداء قال:
((ما أرى من شأن الحج والعمرة إلا واحداً، أشهدكم أني أوجبت حجاً مع عمرتي)).
فأهدى هدياً اشتراه بقديد، ولم يزد على ذلك، ولم ينحر ولم يحل من شيء حرم منه، ولم يحلق ولم يقصر حتَّى كان يوم النحر فنحر وحلق، ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول.
وقال ابن عمر:
كذلك فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
وقال البخاري:
حدثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا ابن علية عن أيوب، عن نافع أن ابن عمر دخل عليه ابنه عبد الله بن عبد الله، وظهره في المدار فقال: إني لا آمن أن يكون العام بين النَّاس قتال فيصدوك عن البيت فلو أقمت.
قال:
قد خرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فحال كفار قريش بينه وبين البيت،
فإن حيل بيني وبينه أفعل كما فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم،
فقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة،
إذاً أصنع كما صنع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
إني أشهدكم أني قد أوجبت مع عمرتي حجاً، ثم قدم فطاف لهما طوافاً واحداً.
وهكذا رواه البخاري عن أبي النعمان، عن حماد بن زيد، عن أيوب ابن أبي تميمة السختياني، عن نافع به.
ورواه مسلم من حديثهما عن أيوب به.
فقد اقتدى ابن عمر رضي الله عنه برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في التحلل عند حصر العدو والاكتفاء بطواف واحد عن الحج والعمرة،
وذلك لأنه كان قد أحرم أولاً بعمرة ليكون متمتعاً، فخشي أن يكون حَصر، فجمعهما وأدخل الحج قبل العمرة قبل الطواف، فصار قارناً.
وقال:
ما أرى أمرهما إلا واحداً - يعني:
لا فرق بين أن يحصر الإنسان عن الحج أو العمرة أو عنهما - فلما قدم مكة اكتفى عنهما بطوافه الأول، كما صرَّح به في السياق الأول الذي أفردناه.
وهو قوله:
ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول.
قال ابن عمر:
كذلك فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يعني:
أنه اكتفى عن الحج والعمرة بطواف واحد
- يعني: بين الصفا والمروة –
وفي هذا دلالة على أن ابن عمر روى (((القران))).
ولهذا روى النسائي عن محمد بن منصور، عن سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن نافع
أن ابن عمر قرن الحج والعمرة فطاف طوافاً واحداً.
ثم رواه النسائي عن علي بن ميمون الرقي، عن سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أمية، وأيوب بن موسى، وأيوب السختياني، وعبد الله بن عمر، أربعتهم عن نافع أن ابن عمر أتى ذا الحليفة فأهلَّ بعمرة، فخشي أن يصد عن البيت.
فذكر تمام الحديث من إدخاله الحج على العمرة،
(((وصيرورته قارناً))).