226-المقالة السادسة والعشرون بعد المائتين من سلسلة السيرة النبوية 21-كتاب حجة الوداع ادلة القائلين بانه عليه السلام=قد حج قارنا=
226-المقالة السادسة والعشرون بعد المائتين
من سلسلة السيرة النبوية
21-كتاب حجة الوداع
ادلة القائلين بأنه عليه السلام
=قد حجّ قارنآ=
رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنه:
قد تقدم فيما رواه البخاري ومسلم من طريق الليث عن عقيل، عن الزُّهري، عن سالم،
عن ابن عمر أنه قال:
تمتع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حجة الوداع، وأهدى فساق الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأهلَّ بالعمرة، ثم أهلَّ بالحج.
وذكر تمام الحديث في عدم إحلاله بعد السعي،
فعلم كما قررناه أولا
أنَّه عليه السلام لم يكن متمتعاً التمتع الخاص،
وإنما كان قارناً،
لأنه حكى أنه عليه السلام لم يكن متمتعاً،
اكتفى بطواف واحد بين الصفا والمروة عن حجة وعمرته،
وهذا شأن القارن على مذهب الجمهور
كما سيأتي بيانه، والله أعلم.
ومما يرجح أن ابن عمر أراد بالإفراد الذي رواه إفراد أفعال الحج،
لا الإفراد الخاص الذي يصير إليه أصحاب الشافعي،
وهو الحج في الاعتمار بعده في بقية ذي الحجة
قول الشافعي:
أنبأنا مالك عن صدقة بن يسار، عن ابن عمر أنه قال:
لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة.
رواية عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:
قال الإمام أحمد:
حدثنا أبو أحمد - يعني: الزبيري -، حدثنا يونس بن الحارث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إنما قرن خشية أن يصد عن البيت وقال:
((إن لم يكن حجة فعمرة)).
وهذا حديث غريب سنداً ومتناً، تفرد بروايته الإمام أحمد.
وقد قال أحمد في يونس بن الحارث الثقفي:
هذا كان مضطرب الحديث، وضعَّفه، وكذا ضعَّفه يحيى بن معين في رواية عنه والنسائي.
وأما من حيث المتن فقوله:
إنما قرن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خشية أن يصد عن البيت،
فمن الذي كان يصده عليه السلام عن البيت
وقد أطد الله له الإسلام وفتح البلد الحرام،
وقد نودي برحاب منى أيام الموسم في العام الماضي
أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عريان،
وقد كان معه عليه السلام في حجة الوداع قريب من أربعين ألفاً فقوله:
خشية أن يصد عن البيت، وما هذا بأعجب من قول أمير المؤمنين عثمان لعلي ابن أبي طالب حين قال له علي:
لقد علمت أنا تمتعنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
فقال: أجل ولكنا كنا خائفين.
ولست أدري علام يحمل هذا الخوف من أي جهة كان؟
إلا أنه تضمن رواية الصحابي لما رواه وحمله على معنى ظنه، فما رواه صحيح مقبول، وما اعتقده ليس بمعصوم فيه، فهو موقوف عليه، وليس بحجة على غيره،
ولا يلزم منه رد الحديث الذي رواه،
هكذا قول عبد الله بن عمرو لو صح السند إليه،
والله أعلم.