231-المقالة الحادية والثلاثون بعد المائتين من سلسلة السيرة النبوية 26-كتاب حجة الوداع
231-المقالة الحادية والثلاثون بعد المائتين
من سلسلة السيرة النبوية
26- كتاب حجة الوداع
فصل
عدم نهي النَّبيّ عليه السلام عن حج التمتع والقران.
إن قيل:
فما جوابها عن الحديث الذي رواه أبو داود الطيالسي في مسنده: حدثنا هشام عن قتادة، عن أبي سيح الهنائي،
واسمه صفوان بن خالد
أن معاوية قال لنفر من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أتعملون أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن صفف النمور؟
قالوا: اللهم نعم!
قال: وأنا أشهد.
قال: أتعلمون أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن لبس الذهب إلا مقطعاً؟
قالوا: اللهم نعم!
قال: أتعلمون أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نهى أن يقرن بين الحج والعمرة؟
قالوا: اللهم لا!
قال: والله إنها لمعهن.
وقال الإمام أحمد:
ثنا عفان، ثنا همام عن قتادة، عن أبي سيح الهنائي قال:
كنت في ملاء من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عند معاوية
فقال معاوية:
أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله نهى عن جلود النمور أن يركب عليها؟
قالوا: اللهم نعم !
قال: وتعلمون أنه نهى عن لباس الذهب إلا مقطعاً!
قالوا: اللهم نعم !
قال: وتعلمون أنه نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة!
قالوا: اللهم نعم !
قال: وتعلمون أنه نهى عن المتعة - يعني: متعة الحج -.
قالوا: اللهم لا !
وكذا رواه حماد بن سلمة عن قتادة،
وزاد:
ولكنكم نسيتم.
وكذا رواه أشعث بن نزار، وسعيد ابن أبي عروبة، وهمام عن قتادة بأصله.
ورواه مطر الوراق، وبهيس بن فهدان عن أبي سيح في متعة الحج.
فقد رواه أبو داود، والنسائي من طرق عن أبي سيح الهنائي به.
وهو حديث جيد الإسناد.
ويستغرب منه رواية معاوية رضي الله عنه النهي عن الجمع بين الحج والعمرة،
ولعل أصل الحديث النهي عن المتعة،
فاعتقد الراوي أنها متعة الحج،
وإنما هي: متعة النساء،
ولم يكن عند أولئك الصحابة رواية في النهي عنها، أو لعل النهي عن الإقران في التمر، كما في حديث ابن عمر،
فاعتقد الراوي أن المراد
القران في الحج
وليس كذلك
أو لعل معاوية رضي الله عنه.
قال: إنما قال:
أتعلمون أنه نهي عن كذا،
فبناه بما لم يسم فاعله،
فصرَّح الراوي بالرفع إلى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم
ووهم في ذلك،
فإن الذي كان ينهى عن متعة الحج،
إنما هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه،
ولم يكن نهيه عن ذلك على وجه التحريم والحتم كما قدَّمنا،
وإنما كان ينهى عنها لتفرد عن الحج بسفر آخر ليكثر زيارة البيت،
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يهابونه كثيراً،
فلا يتجاسرون على مخالفته غالباً
وكان ابنه عبد الله يخالفه،
فيقال له:
إن أباك كان ينهى عنها.
فيقول:
لقد خشيت أن يقع عليكم حجارة من السماء،
قد فعلها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
أفسنة رسول الله تتبع أم سنة عمر بن الخطاب.
وكذلك كان عثمان بن عفان رضي الله عنه ينهى عنها،
وخالفه علي بن أبي طالب كما تقدَّم.
وقال:
لا أدع سنة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لقول أحد من النَّاس.
وقال عمران بن حصين:
تمتعنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
ثم لم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى مات.
أخرجاه في الصحيحين.