247-المقالة السابعة والاربعون بعد المائتين من سلسلة السيرة النبوية 42-كتاب حجة الوداع 5-صفة طوافه عليه السلام
247-المقالة السابعة والاربعون بعد المائتين
من سلسلة السيرة النبوية
42-كتاب حجة الوداع
5-صفة طوافه صلى الله عليه وسلم
وقد ورد في الحديث الصحيح
عن ابن عبَّاس
أنهم رملوا في عمرة الجعرانة واضطبعوا، وهو رد عليه، فإن عمرة الجعرانة لم يبق في أيامها خوف، لأنها بعد الفتح كما تقدم.
رواه حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم،
عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس
أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت واضطبعوا، ووضعوا أرديتهم تحت آباطهم وعلى عواتقهم.
ورواه أبو داود من حديث حماد بنحوه.
ومن حديث عبد الله بن خثيم عن أبي الطفيل، عن ابن عبَّاس به.
فأما الاضطباع في حجة الوداع،
فقد قال قبيصة والفريابي
عن خثيم، عن أبي الطفيل، عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة، عن يعلى بن أمية، عن أمية قال:
رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يطوف بالبيت مضطبعاً.
رواه التِّرمذي من حديث الثوري وقال:
حسن صحيح.
وقال أبو داود:
ثنا محمد بن كثير، ثنا سفيان عن ابن جريج، عن ابن يعلى، عن أبيه قال:
طاف رسول الله مضطبعاً برداءٍ أخضر.
وهكذا رواه الإمام أحمد عن وكيع، عن الثوري، عن ابن جريج، عن ابن يعلى، عن أبيه أن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لما قدم طاف بالبيت وهو مضطبع، ببرد له أخضر.
وقال جابر في حديثه المتقدم:
حتَّى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ:
{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}
[البقرة: 125].
فجعل المقام بينه وبين البيت، فذكر أنه صلى ركعتين قرأ فيهما:
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}.
فإن قيل:
فهل كان عليه السلام في هذا الطواف راكباً أو ماشياً؟.
فالجواب: أنه قد ورد نقلان، قد يظن أنهما متعارضان، ونحن نذكرهما، ونشير إلى التوفيق بينهما، ورفع اللبس عند من يتوهم فيهما تعارضاً، وبالله التوفيق وعليه الاستعانة، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال البخاري رحمه الله:
حدثنا أحمد بن صالح، ويحيى بن سليمان قالا: ثنا ابن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله،
عن ابن عبَّاس قال:
طاف النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم على بعيره في حجة الوداع يستلم الركن بمحجن.
وأخرجه بقية الجماعة إلا التِّرمذي من طرق عن ابن وهب.
قال البخاري:
تابعه الدراوردي عن ابن أخي الزُّهري، عن عمه، وهذه المتابعة غريبة جداً.
وقال البخاري:
ثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد الوهاب، ثنا خالد الحذاء عن عكرمة، عن ابن عبَّاس قال: طاف النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالبيت على بعير، كلما أتى الركن أشار إليه.
وقد رواه التِّرمذي من حديث عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وعبد الوارث، كلاهما عن خالد بن مهران الحذَّاء، عن عكرمة،
عن ابن عبَّاس، قال:
طاف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على راحلته، فإذا انتهى إلى الركن أشار إليه.
وقال: حسن صحيح.
ثم قال البخاري:
ثنا مسدد، ثنا خالد بن عبد الله عن خالد الحذَّاء، عن عكرمة،
عن ابن عبَّاس قال:
طاف النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالبيت على بعير، فلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده، وكبَّر.
تابعه إبراهيم بن طهمان عن خالد الحذَّاء، وقد أسند هذا التعليق ها هنا في كتاب الطواف عن عبد الله بن محمد، عن أبي عامر، عن إبراهيم بن طهمان به.
وروى مسلم
عن الحكم بن موسى، عن شعيب بن إسحاق،
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة
أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم طاف في حجة الوداع حول الكعبة على بعير، يستلم الركن كراهية أن يضرب عنه النَّاس.
فهذا إثبات أنه عليه السلام
طاف في حجة الوداع على بعير،
ولكن حجة الوداع كان فيها ثلاثة أطواف:
الأول: طواف القدوم.
والثاني: طواف الإفاضة وهو طواف الفرض، وكان يوم النحر.
والثالث: طواف الوداع.
فلعل ركوبه صلَّى الله عليه وسلَّم كان في أحد الآخرين أو في كليهما.
فأما الأول:
وهو طواف القدوم فكان ماشياً فيه،
وقد نصَّ الشافعي على هذا كله، والله أعلم وأحكم.
ثم هذا التقبيل الثاني الذي ذكره ابن إسحاق في روايته بعد الطواف، وبعد ركعتيه أيضاً، ثابت في صحيح مسلم من حديث جابر.
قال فيه بعد ذكر صلاة ركعتي الطواف: ثم رجع إلى الركن فاستلمه.