256-المقالة السادسة والخمسون بعد المائتين من سلسلة السيرة النبوية 51-كتاب حجة الوداع حكم من لم يسق معه الهدى
256-المقالة السادسة والخمسون بعد المائتين
من سلسلة السيرة النبوية
51-كتاب حجة الوداع
حكم من لم يسق معه الهدى
فصل نزول النَّبيّ عليه السلام بالأبطح شرقي مكة
ثم سار صلوات الله وسلامه عليه بعد فراغه من طوافه بين الصفا والمروة، وأمره بالفسخ لمن لم يسق الهدي،
والنَّاس معه حتَّى نزل بالأبطح شرقي مكة،
فأقام هنالك بقية يوم الأحد، ويوم الإثنين، والثلاثاء، والأربعاء، حتَّى صلى الصبح من يوم الخميس،
كل ذلك يصلي بأصحابه هنالك،
ولم يعد إلى الكعبة من تلك الأيام كلها.
قال البخاري
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتَّى يخرج إلى عرفة، ويرجع بعد الطواف الأول:
حدثنا محمد ابن أبي بكر: ثنا فضيل بن سليمان، ثنا موسى بن عقبة قال: أخبرني كريب
عن عبد الله بن عبَّاس قال:
قدم النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم مكة فطاف سبعاً، وسعى بين الصفا والمروة، ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها، حتَّى رجع من عرفة.
انفرد به البخاري.
فصل قدوم رسول الله منيخ بالبطحاء خارج مكة.
وقدم في هذا الوقت ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم منيخ بالبطحاء خارج مكة علي من اليمن،
وكان النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد بعثه كما قدمنا إلى اليمن أميراً بعد خالد بن الوليد رضي الله عنهما،
فلما قدم وجد زوجته فاطمة بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد حلت كما حل أزواج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والذين لم يسوقوا الهدي، واكتحلت، ولبست ثياباً صبيغاً.
فقال: من أمرك بهذا؟
قالت: أبي.
فذهب محرشاً عليها إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأخبره أنها حلت، ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت، وزعمت أنك أمرتها بذلك يا رسول الله.
فقال:
((صدقت، صدقت، صدقت)).
ثم قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
((بمَ أهللت حين أوجبت الحج))؟
قال:
بإهلال كإهلال النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
قال:
((فإنَّ معي الهدي فلا تحل)).
فكان جماعة الهدي الذي جاء به علي من اليمن، والذي أتى به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من المدينة واشتراه في الطريق مائة من الإبل، واشتركا في الهدي جميعاً،
وقد تقدم هذا كله في صحيح مسلم رحمه الله.
وهذا التقرير يرد الرواية التي ذكرها الحافظ أبو القاسم الطبراني رحمه الله من حديث عكرمة عن ابن عبَّاس، أن علياً تلقى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الجحفة، والله أعلم.
وكان أبو موسى في جملة من قدم مع علي
ولكنه لم يسق هدياً،
فأمره رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
بأن يحل بعد ما طاف للعمرة وسعى، ففسخ حجه إلى العمرة وصار متمتعاً، فكان يفتي بذلك في أثناء خلافة عمر بن الخطاب،
فلما رأى عمر بن الخطاب أن يفرد الحج عن العمرة ترك فتياه مهابة لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه.
وقال الإمام أحمد:
حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان عن عون ابن أبي جحيفة، عن أبيه قال:
رأيت بلالاً يؤذن، ويدور، ويتبع فاه هاهنا وهاهنا، وأصبعاه في أذنه.
قال:
ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في قبة حمراء أراها من أدم.
قال:
فخرج بلال بين يديه بالعنزة فركزها، فصلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
قال عبد الرزاق:
وسمعته بمكة قال: بالبطحاء يمر بين يديه الكلب والمرأة، والحمار، وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بريق ساقيه.
قال سفيان: نراها حبرة.