382-المقالة الثانية والثمانون بعد المائة الثالثة من سلسلة السيرة النبوية صفة قدح النبى صلى الله عليه وسلم والمكحلة والبردة التى كان يرتديها
382-المقالة الثانية والثمانون بعد المائة الثالثة
من سلسلة السيرة النبوية
صفة قدح النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.
والمكحلة التى كان يكتحل منها
والبردة التى كان يرتديها
قال الحافظ البيهقيّ:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله، أخبرني أحمد بن محمد النَّسويّ، ثنا حماد بن شاكر، ثنا محمد بن إسماعيل - هو البخاري - ثنا الحسن بن مدرك، حدثني يحيى بن حماد، أنا أبو عوانة عن عاصم الأحول قال: رأيت قدح النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند أنس بن مالك،
وكان قد انصدع فسلسله بفضة.
قال:
وهو قدح جيد عريض من نضار.
قال أنس:
لقد سقيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا القدح أكثر من كذا وكذا.
قال: وقال ابن سيرين:
إنه كان فيه حلقة من حديد،
فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة.
فقال له أبو طلحة:
لا تغيرنَّ شيئاً صنعه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فتركه.
وقال الإمام أحمد:
حدثنا روح بن عبادة، ثنا حجاج بن حسان قال:
كنا عند أنس فدعا بإناء فيه ثلاث ضبات حديد وحلقة من حديد،
فأخرج من غلاف أسود، وهو دون الربع وفوق نصف الربع،
وأمر أنس بن مالك فجعل لنا فيه ماء،
فأتينا به فشربنا، وصببنا على رؤسنا ووجوهنا،
وصلينا على النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
انفرد به أحمد.
المكحلة التي كان عليه السلام يكتحل منها.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى :
وقد بلغني أن بالديار المصرية
مزاراً فيه أشياء كثيرة من آثار النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم
اعتنى بجمعها بعض الوزراء المتأخرين
فمن ذلك:
مكحلة.
وقيل:
ومشط، وغير ذلك، فالله أعلم.
البردة
قال الحافظ البيهقيّ:
وأما البرد الذي عند الخلفاء،
فقد روينا عن محمد بن إسحاق بن يسار في قصة تبوك
أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أعطى أهل إيلة بردة مع كتابه الذي كتب لهم أماناً لهم،
فاشتراه أبو العباس عبد الله بن محمد بثلاثمائة دينار
- يعني: بذلك أول خلفاء بني العباس وهو السفاح رحمه الله –
وقد توارث بنو العباس هذه البردة خلفاً عن سلف،
كان الخليفة يلبسها يوم العيد على كتفيه، ويأخذ القضيب المنسوب إليه
- صلوات الله وسلامه عليه –
في إحدى يديه، فيخرج وعليه من السكينة والوقار ما يصدع به القلوب، ويبهر به الأبصار،
ويلبسون السواد في أيام الجمع والأعياد،
وذلك اقتداء منهم بسيد أهل البدو والحضر،
ممن يسكن الوبر والمدر.
لما أخرجه البخاري ومسلم إماما أهل الأثر من حديث
عن مالك الزهري، عن أنس
أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم دخل مكة وعلى رأسه المغفر.
وفي رواية:
وعليه عمامة سوداء.
وفي رواية:
قد أرخى طرفها بين كتفيه - صلوات الله وسلامه عليه -.
وقد قال البخاري:
ثنا مسدد، ثنا إسماعيل، ثنا أيوب عن محمد، عن أبي بردة قال:
أخرجت إلينا عائشة كساء وإزاراً غليظاً فقالت:
قُبض روح النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم في هذين -.
وللبخاري من حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن عائشة وابن عباس قالا:
لما نزل برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم كشفها عن وجهه.
فقال وهو كذلك:
((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))
يحذِّر ما صنعوا.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى:
قلت: وهذه الأبواب الثلاثة
لا يدري ما كان من أمرها بعد هذا،
وقد تقدم أنه عليه السلام طرحت في تحته قبره الكريم
قطيفة حمراء كان يصلي عليها،
ولو تقصينا ما كان يلبسه في أيام حياته لطال الفصل،
وموضعه
(كتاب اللباس من كتاب الأحكام الكبير)
إن شاء الله، وبه الثِّقة وعليه التُّكلان.