413-المقالة الثالثة عشربعد المائة الرابعة من سلسلة السيرة النبوية 28-من شمائل الرسول = شجاعته =صلى الله عليه وسلم 413-المقالة الثالثة عشر بعد المائة الرابعة
من سلسلة السيرة النبوية
28-من شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم
فصل في شجاعته صلَّى الله عليه وسلَّم
ذكرت في التفسير عن بعض من السَّلف أنَّه استنبط من قوله تعالى:
{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ}
[النِّساء: 84]:
أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان مأموراً أن لا يفرَّ من المشركين إذا واجهوه، ولو كان وحده من قوله:
{لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ}.
وقد كان صلَّى الله عليه وسلَّم من أشجع النَّاس، وأصبر النَّاس، وأجلدهم، ما فرَّ قط من مصاف، ولو تولَّى عنه أصحابه.
قال بعض أصحابه:
كنا إذا اشتدَّ الحرب، وحمى النَّاس نتَّقي برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ففي يوم بدر رمى ألف مشرك بقبضة من حصا فنالتهم أجمعين حين قال:
((شاهت الوجوه)).
وكذلك يوم حنين كما تقدم، وفرَّ أكثر أصحابه في ثاني الحال يوم أُحد وهو ثابت في مقامه لم يبرح منه، ولم يبق معه إلا اثنا عشر قتل منهم سبعة وبقي الخمسة، وفي هذا الوقت قتل أُبي بن خلف - لعنه الله -، فعجله الله إلى النَّار.
ويوم حنين ولى النَّاس كلهم، وكانوا يومئذ اثنا عشر ألفاً، وثبت هو في نحو من مائة من الصَّحابة وهو راكب يومئذ بغلته، وهو يركض بها إلى نحو العدو، وهو ينوه باسمه ويعلن بذلك قائلاً: ((أنا النَّبيّ لا كذب، أنا ابن عبد المطلب))
حتى جعل العبَّاس، وعلي، وأبو سفيان يتعلقون في تلك البغلة ليبطئوا سيرها خوفاً عليه من أن يصل أحد من الأعداء إليه، وما زال كذلك حتى نصره الله وأيده في مقامه ذلك، وما تراجع النَّاس إلا والأشلاء مجندلة بين يديه صلَّى الله عليه وسلَّم.
وقال أبو زرعة:
حدَّثنا العبَّاس بن الوليد بن صبح الدِّمشقيّ، حدَّثنا مروان - يعني: ابن محمد -، حدَّثنا سعيد بن بشير عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
((فُضّلت على النَّاس بشدة البطش)).