505-المقالة الخامسة بعد المائة الخامسة من سلسلة السيرة النبوية كتاب دلائل النبوة تتمة 2-باب ما اعطيه نبينا عليه السلام وما اعطيه النبيون قبله عليهم السلام
505-المقالة الخامسة بعد المائة الخامسة
من سلسلة السيرة النبوية
دلائل النبوة
تتمة2- باب ما أعطي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
وما أعطي الأنبياء قبله:
القول فيما أعطي إدريس - عليه السَّلام:
من الرِّفعة التي نوَّه الله بذكرها فقال:
(ورفعناه مكاناً عليَّا).
قال:
والقول فيه أنَّ نبيِّنا محمَّداً صلَّى الله عليه وسلَّم أُعطي أفضل وأكمل من ذلك
قال بعض ائمة الاسلام:
فإن قال عن ادريس عليه السلام
((ورفناه مكانآ عليآ))
فقد قال عن نبينا محمد صلى الله عليه وسام:
((ورفعنا لك ذكرك))
رفع الله ذكره وقرنه باسمه في الأوَّلين والآخرين،
وكذلك يرفع قدره ويقيمه مقاماً محموداً يوم القيامة يغبطه به الأوَّلون والآخرون، ويرغب إليه الخلق كلَّهم حتى إبراهيم الخليل.
كما ورد في صحيح مسلم
فيما سلف وسيأتي أيضاً،
فإنَّ التَّنويه بذكره في الأمم الخالية والقرون السَّابقة.
ففي صحيح البخاريّ عن ابن عبَّاس قال:
ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه الميثاق لئن بُعث محمَّد وهو حيّ ليؤمننَّ به وليتَّبعنَّه ولينصرنَّه، وأمره أن يأخذ على أمَّته العهد والميثاق لئن بعث محمَّد وهم أحياء ليؤمننَّ به وليتَّبعنَّه، وقد بشَّرت بوجوده الأنبياء حتَّى كان آخر من بشَّر به عيسى بن مريم خاتم أنبياء بني إسرائيل، وكذلك بشَّرت به الأحبار والرُّهبان والكهَّان كما قدَّمنا ذلك مبسوطاً.
ولمَّا كانت ليلة الإسراء رفع من سماء إلى سماء
حتَّى سلَّم على إدريس عليه السلام
وهو في السَّماء الرَّابعة،
ثمَّ جاوزه إلى الخامسة،
ثمَّ إلى السَّادسة فسلَّم على موسى بها،
ثمَّ جاوزه إلى السَّابعة
فسلَّم على إبراهيم الخليل عند البيت المعمور،
ثمَّ جاوز ذلك المقام
فرفع لمستوى سمع فيه صريف الأقلام وجاء سدرة المنتهى ورأى الجنَّة والنَّار وغير ذلك من الآيات الكبرى،
وصلَّى بالأنبياء،
وشيَّعه من كل مقربوها،
وسلَّم عليه رضوان خازن الجنان، ومالك خازن النَّار
فهذا هو الشَّرف، وهذه هي الرِّفعة، وهذا هو التَّكريم والتَّنويه والإشهار والتَّقديم والعلو، والعظمة - صلوات الله وسلامه عليه - وعلى سائر أنبياء الله أجمعين.
وأمَّا رفع ذكره في الآخرين
فإنَّ دينه باقٍ ناسخٍ لكلِّ دين، ولا يُنسخ هو أبد الآبدين، ودهر الدَّاهرين إلى يوم الدِّين،
ولا تزال طائفة من أمَّته ظاهرين على الحقِّ لا يضرَّهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى تقوم الساَّعة،
والنِّداء في كل يوم خمس مرات على كل مكان مرتفع من الأرض:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمداً رسول الله،
وهكذا كلَّ خطيب يخطب لا بدَّ أن يذكره في خطبته وما أحسن قول حسَّان:
أغرَّ عَليهِ لِلنبُّوةِ خَاتمٌ * مِنَ الله مَشهودُ يلوحُ وَيشهدُ
وضَمَّ الإلهُ اسمَ النَّبيّ إلى اسمهِ
إِذا قالَ في الخَمسِ المُؤَذِّنُ أَشهدُ
وشقَّ لهُ من اسمِهِ ليجِلَّهُ
فَذُو العَرشِ محمودُ وهَذا محمَّدُ
وقال الصَّرصريّ رحمه الله:
ألمْ ترَ أنَّا لا يصحُّ أَذانُنَا * ولا فَرضُنَا إنْ لم نكرِّره فيهِمَا