السادسة والخمسون من سلسلة الفقه الاجابة عن اسئلة جدة اجاب عنها العلامة الامام الالبانى رحمه الله تعالى
المقالة السادسة والخمسون
من سلسلة الفقه
اسئلة جدة
واجابة المحدث العلامة الامام
محمد ناصرالدين الالبانى
رحمه الله تعالى
6-تتمة
ما هي الأسس التي ترون من خلال مرئياتكم
أنه يمكن للعالم الإسلامي أن ينهض بها؟
سائل:
بعض الإخوة الذين ينتسبون إلى هذه الدعوة -وأعني بها الدعوة السلفية- يقولون:
أننا في زمان يكاد يكون اتصل العالم بعضه ببعض،
وصار من الإدارة والتخطيط إلى غير هذا مما ينكر به للإسلام ويكاد له، يقولون:
أنه مما لا شك فيه أننا لا نستطيع أن نواجه هذه الدعوة المضادة للإسلام عمومًا وللدعوة السلفية خصوصًا
إلا بعمل منظم كما هم منظمون -أعداء الإسلام منظمون-،
فيتأولوا ويقولون أن لا بد لنا أن نقوم بعمل منظم، عمل -يعني ما يسمونه-
فيرتبون العمل على أن يكون لنا رئيس وعلى أن يكون هناك أسر،
وعلى أن تكون هناك أشياء سرية للغاية لا يعرفها إلا خواص المنتسبون لهذا التنظيم،
فكيف السبيل في توجيه هؤلاء الإخوة الذين نعلم أنهم حريصون على الدعوة السلفية،
وعلى دعوة الناس إلى الخير بالكتاب والسنة؟
الشيخ رحمه الله:
إذا كان المقصود بالتنظيم:
تنظيم الدعوة فهذا -لا شك- أمر لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان -كما قيل في قديم الزمان-،
أما إذا كان المقصود بالتنظيم للجماعة السلفيين تنظيمًا سريًا كما وقع فيه قديمًا الإخوان المسلمون
ثم لاقوا مصيبتهم التي أرجعت بدعوتهم القهقرى؛ فالتنظيم السري ما في حاجة إليه اليوم إطلاقًا.
وأنا في اعتقادي
أنَّ واجب الدعاة السلفيين أن يستمروا في طريقة الدعوة إلى الكتاب والسنة
هكذا علنًا لا خفاء فيها إطلاقًا؛
لأن هذه الدعوة من طبيعتها أنها أقرب قبولاً وألصق بالقلوب الصافية والفطر السليمة،
ولا شك أن الأمر -في النهاية-
ستكون الدولة لها، وليس بحاجة لأن يعملوا سرًا،
ويوم تجتمع قلوب المسلمين -كما أشرنا آنفًا-
على فهم الإسلام فهمًا صحيحًا وتطبيقه تطبيقًا صحيحًا؛
يومئذٍ ستقوم قائمة الدولة الإسلامية المنشودة لدى الجميع،
وتحكيم الكتاب والسنة -كما هو أيضًا مقصود الجميع-.
أما العمل السياسي والسري -سواءً-
حتى لو كان عملاً سياسيًا جهرًا لا سر فيه
أنا أعتقد أنه من الصوارف التي تصرف الدعاة إلى الله عن دعوتهم إلى الله
إلى الاشتغال بالأمور السياسية، ستصرفهم عن ما هو أوجب واجب عليهم من الدعوة.
أنا قلت -آنفًا-
أن أوجب ما يجب على علماء المسلمين
أن يصفوا هذا الإسلام مما دخل فيه،
وأن يقترن ذلك بتربية الذين صُفِّيَ الإسلام لهم على هذا الإسلام المصفَّى.
أين هذه الجماعة التي قامت بالواجب الأول ثم بالواجب الثاني
ولم يبقى عندهم إلا العمل السياسي؟
أنا لا أجد هذا الآن ولن أجده مهما طال بي الزمان؛
لأن هذا يحتاج إلى زمن كبير وكبير جدًا.
لأنني انظر إلى النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم
والذي كان ممدودًا بحبل السماء، ومشدودًا قواه بالقوي الأمين جبريل -عليه السلام-،
ظل في قومه ثلاثًا وعشرين سنة يدعو إلى الله،
في آخر الأمد من حياته استطاع أن يضع النواة للدولة المسلمة؛
ثم بارك الله فيها بأصحابه الذين ورثوا الخلافة من بعده،
وانتشر الإسلام كما هو معلوم لدى الجميع
فلا فائدة من التكرار، فهكذا التاريخ يعيد نفسه.
فأنا لا أجد الآن على وجه الأرض جماعة
إن كانوا مثلاً مائة أو كانوا ألفًا أو ألوفًا أو يزيدون على ذلك
إنهم على قلب رجل واحد
فهمًا للإسلام فهمًا صحيحًا،
وتربية لأنفسهم على هذا الإسلام تربية صحيحة؛
فبهذا يجب أن يُشغل الدعاة الإسلاميين ..