قالها نزار قباني..الموج الأزرق في عينيك
قالها نزار قباني..
الموج الأزرق في عينيك
يناديني نحو الأعمق
وغناها
عبد الحليم بلحن وصوت قلق يبعث شعوراً أن هناك خوفاً من الآخر المتمثل في
لون العينين الأزرق. فهو ينجذب إليها وإلى حبها العميق وفي المقابل لا يجيد
الغوص في هذا الحب والدخول إلى بحره... وبحر الأزرق عموما
عميق في دراسته ومدلولاته وخواصه وله في الحياة عبر العصور مواقف وتحوم
حوله آراء ومسميات لأشياء معينة، ولأني أحب السباحة فقد اخترت اللون الأزرق أيضا لأسبح من خلاله في بحر من معلومات عن اللون ودرس قد أتعلمه من خلالها..
أقول أولا.. إنه يحكى أن صاحبة عينين زرقاوين، وكانت تسمى (زرقاء اليمامة)
من بني جديس ، حاولت أن تنقذ قبيلتها من جيش كبير جاء ليغزوهم لكنهم لم
يصدقوا ماأبصرته لهم من مسافة بعيدة والجيش قادم فغزاهم وأوقع بهم هزيمة
كبيرة، وكان يقال عنها إنها كانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام.
وكان اللون الأزرق عند
المسلمين غير محبوب، فالزرقة أبغض شيء من ألوان العيون إلى العرب لأن
الروم كانوا أعداءهم في ذلك الوقت وهم زرق العيون، واستهوى هذا اللون
الشاعر (ابن المعتز ) واستعمله في الأغلب للأمور الحسنة الجميلة ذات
المنفعة والخير، وقد يريد به الدلالة أحيانا على وصف السماء والشمس والعيون
:
ورنا إليّ الفرقدان كما رَنَت
زرقاءُ تَنظُرُ من نِقابٍ أسـودِ
ولا تزال العيون الزُرّق ملهمة الشعراء المعاصرين في قولهم عن الحب وعواطفه.
وارتبط اللونان البنفسجي والأزرق عند بعض الشعوب القديمة بالطهارة والإيمان
وكانت تعلق في رقبة الصبي حجارة زرقاء وبنفسجية ليس فقط لتأكيد ارتباطه
بهاتين الصفتين وحسب بل لتجعل الصبي مطيعا لوالديه. وبغض العرب الزرقة
وتشاءموا منها ، وكانت مصدرا للشؤم والنفور واستخدم اللون الأزرق لطرد الشر والوقاية من العين فوضع لذلك الخرز الأزرق كتمائم. وكانوا عندما يصفون عدوا بشدة عداوته يسمونه ( العدو الأزرق ).
لكن هذا اللون عند المتصوفة له معنى من المعاني الروحية التي تستخدم
الألوان للدلالة على معناها، فهو يوافق الإحسان، والأزرق المائي يوافق
اليقين. وكان الأزرق لونا
مقدسا في بلاد الرافدين لكونه حجرا كريما محفوفا بأسرار إلهية لا قبل لبشر
بها، ولقد ظلت أهميته عالقة بالفكر الإنساني الديني في عصور متتالية بعد
ذلك، وهذا التأثير الفكري أصبح واضحا بعد ذلك في عمارة المساجد في بلاد
الرافدين، فاتخذ أساسا للحلية الجدارية والقباب والمآذن ، وحتى الوقت
الحاضر لاتزال الكثير من القباب و المآذن باللون الأزرق كأسلوب فني يربط بين مكان العبادة ولون السماء .
وكان لباس الثياب الملونة باللون الأزرق عند
العرب قديما يقتصر على الشخصيات القديمة . ولوقت قريب كان العُـــمانيون
أيضا يستخدمونه في تجميل ثيابهم، وذلك بواسطة عملية الصباغة بلون نيلي أزرق
لا يزول، حيـــث كانت " النيلة " هي الصبغة الأسـاسية المستخدمة، وتأتي
صبغة النيلة هذه من أوراق نبتة نهر النيل.
ويأتي اللون الأزرق في مصطلح سياسي فـ ( الكتاب الأزرق )
هو تعبير دبلوماسي يطلق على كتيب يتضمن معلومات ووثائق دبلوماسية ويكون
الهدف منه شرح الموقف الحكومي من قضية دولية معينة، و أطلق هذا الاسم أيضا
على التقارير البرلمانية التي تصدر من وزارة الخارجية البريطانية.
وبينما يوجد الأزرق في
هذا الموضـع المتميز في الدبلوماسية البريطانية.. نجده أيضا وفي بريطانيا
نفسها قد أطلق لقب ( ذات الجوارب الزرقاء ) على بعض السيدات الإنجليزيات في
منتصف القرن الـ 18 وتوصف به السيدة المتحذلقة، وكل امرأة تتكلف الأدب أو
تدعي الأدب وليست أديبة.
يوصف اللون الأزرق بأنه قادر على خلق أجواء خيالية، وأن التوتر العضلي يتناقص تحت تأثير الضوء الأزرق ولذا
فهو قادر على تخفيض ضغط الدم وتهدئة نبض القلب والتنفس السريع، وأنه أكثر
الألوان الـقـادرة على تهدئة النفس ويلهم النفس سـكونا واطمئنانا ويبرد
المزاج الحار، ولذلك يسـتعمل في بعض مستشفيات الأمراض العقلية. وبينما تكون
هذه صفات الأزرق هنا.. فإن ( السحالي زرقاء اللسان ) التي تعيش في أستراليا، لها رأي آخر عندما تكون غاضبة أو يتهددها خطر ما، فهي تخرج لسانها الأزرق في مثل هذه الحالة.
وهناك نوع من الأقراص الطبية يسمى ( حبة التعاسة الزرقاء _ التاليدوميد _ )
وهي أقراص مهدئة للأعصاب كثيرا، فإذا استعملتها المرأة الحامل أدت إلى
تشوه أطراف الجنين وولادة أطفال بلا ذراعين أو بذراعين صغيرتين.
وفي الفن التشكيلي فإنه اللون الوحيد من بين الألوان الأخرى الذي يتميز
بقرابة حميمة الى الداكن والفاتح على السواء، ويكاد أن يكون في الليل
سوادا، وعلى أفق سماء النهار بياضا، وكثيرا ما يظلم الفنانون هذا اللون عند
رسمهم لمنظر ليلي فيكون اللون الأسود هو الوحيد المشار إليه لوجود الظلام
في شكل السماء، لكن الأفضل هو مزج الأسـود بقليل من الأزرق فيعطي
شعورا أفضل لشكل السماء في الليل. وهو يتوافق مع الأخضر أكثر من توافقه مع
اللون البنفسجي ولكنه يتباين مع اللون البرتقالي ويكمله، وتبدو الأشكال
الزرقاء أقل من حقيقتها باعتبار الأزرق من الألوان الباردة التأثير. وهو يرمز عند الفنانين للحكمة والصدق والخلود والهدوء والإخلاص والحب أيضا
منقول