المقالة الثامنة والخمسون من سلسلة التاريخ الاسلامى بعد الخلافة الراشدة الدولة الاموية فى عهد يزيد بن معاوية كيف قتل الحسين بن على المقالة الثامنة والخمسون
من سلسلة التاريخ الاسلامى
بعد الخلافة الراشدة
الدولة الاموية فى عهد الوليد بن عبد الملك بن مروان
12-كيف قتل الحسين بن على
قالوا:
ثم حمل شمر بن ذي الجوشن بالميسرة وقصدوا نحو الحسين فدافعت عنه الفرسان من أصحابه دفاعاً عظيماً، وكافحوا دونه مكافحة بليغة،
فأرسلوا يطلبون من عمر بن سعد طائفة من الرماة الرجالة.
فبعث إليهم نحواً من خمسمائة،
فجعلوا يرمون خيول أصحاب الحسين فعقروها كلها حتى بقي جميعهم رجالة، ولما عقروا جواد الحر بن يزيد نزل عنه
وفي يده السيف كأنه ليث، وهو يقول:
إن تعقروا بي فأنا ابن الحر * أشجع من ذي لبد هزبر
ويقال:
إن عمر بن سعد أمر بتقويض تلك الأبنية التي تمنع من القتال من أتى ناحيتها، فجعل أصحاب الحسين يقتلون من يتعاطى ذلك،
فأمر بتحريقها فقال الحسين:
دعوهم يحرقونها فإنهم لا يستطيعون أن يجوزوا منها وقد أحرقت.
وجاء شمر بن ذي الجوشن قبحه الله إلى فسطاط الحسين فطعنه برمحه - يعني: الفسطاط - وقال:
إيتوني بالنار لأحرقه على من فيه، فصاحت النسوة وخرجن منه.
فقال له الحسين: أحرقك الله بالنار.
وجاء شبيث بن ربعي إلى شمر قبحه الله فقال له:
ما رأيت أقبح من قولك ولا من فعلك وموقفك هذا أتريد أن ترعب النساء؟ فاستحي وهمّ بالرجوع.
وقال حميد بن مسلم قلت لشمر:
سبحان الله ! إن هذا لا يصلح لك، أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين؟ تعذب بعذاب الله، وتقتل الولدان والنساء؟ والله إن في قتلك الرجال لما ترضي به أميرك.
قال: فقال لي: من أنت؟
قلت: لا أخبرك من أنا - وخشيت أني إن أخبرته فعرفني أن يسوءني عند السلطان - وشد زهير بن القين في رجال من أصحاب الحسين على شمر بن ذي الجوشن فأزالوه عن موقفه، وقتلوا أبا عزة الضبابي - وكان من أصحاب شمر - وكان الرجل من أصحاب الحسين إذا قتل بان فيهم الخلل، وإذا قتل من أصحاب ابن زياد الجماعة الكثيرة لم يتبين ذلك فيهم لكثرتهم، ودخل عليهم وقت الظهر.
فقال الحسين:
مروهم فليكفوا عن القتال حتى نصلي.
فقال رجل من أهل الكوفة:
إنها لا تقبل منكم.
فقال له حبيب بن مطهر:
ويحك !!
أتقبل منكم ولا تقبل من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وقاتل حبيب قتالاً شديداً حتى قتل رجلاً يقال له:
بديل بن صريم من بني عقفان، وجعل يقول:
أنا حبيبٌ وأبي مطهرٌ * فارس هيجاء وحرب مسعر
أنتم أوفر عدة وأكثر * ونحن أوفى منكم وأصبر
ونحن أعلى حجةً وأظهر * حقاً وأبقى منكم وأطهر
ثم حمل على حبيب هذا رجل من بني تميم فطعنه فوقع، ثم ذهب ليقوم فضربه الحصين بن عمير على رأسه بالسيف فوقع، ونزل إليه التميمي فاحتز رأسه وحمله إلى ابن زياد،
فرأى ابن حبيب رأس أبيه فعرفه،
فقال لحامله:
أعطني رأس أبي حتى أدفنه، ثم بكى.
وقال:
فمكث الغلام إلى أن بلغ أشده ثم لم تكن له همة إلا قتل قاتل أبيه.
قال:
فلما كان زمن مصعب بن عمير دخل الغلام عسكر مصعب فإذا قاتل أبيه في فسطاطه، فدخل عليه وهو قائل فضربه بسيفه حتى برد.
وقال أبو مخنف:
حدثني محمد بن قيس قال:
لما قتل حبيب بن مطهر هدّ ذلك الحسين وقال عند ذلك:
أحتسب نفسي،
وأخذ الحر يرتجز ويقول للحسين:
آليت لا تقتل حتى أقتلا * ولن أصاب اليوم إلا مقبلاً
أضربهم بالسيف ضرباً مقصلاً * لأنا كلاً عنهم ولا مهملاً
ثم قاتل هو وزهير بن القين قتالاً شديداً،
فكان إذا شد أحدهما حتى استلحم شد الآخر حتى يخلصه، فعلا ذلك ساعة،
ثم إن رجالاً شدوا على الحر بن يزيد فقتلوه،
وقتل أبو ثمامة الصائدي ابن عم له كان عدو له، ثم صلى الحسين بأصحابه الظهر صلاة الخوف، ثم اقتتلوا بعدها قتالاً شديداً، ودافع عن الحسين صناديد أصحابه.
وقاتل زهير بن القين بين يدي الحسين قتالاً شديداً،
ورمى بعض أصحابه بالنبل حتى سقط بين يدي الحسين،
وجعل زهير يرتجز ويقول:
أنا زهير وأنا ابن القين * أذودكم بالسيف عن الحسين
قال: وأخذ يضرب على منكب الحسين ويقول:
أقدم هديت هادياً مهدياً * فاليوم تلقى جدك النبيا
وحسناً والمرتضى علياً * وذا الجناحين الفتى الكميا
وأسد الله الشهيد الحيا
قال: فشد عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس فقتلاه.
قال: وكان من أصحاب الحسين نافع بن هلال الجملي،
وكان قد كتب على فوق نبله فجعل يرمي بها مسمومة وهو يقول:
أرمي بها معلماً أفواقها * والنفس لا ينفعها شقاقها
أنا الجملي أنا على دين علي
فقتل اثني عشر من أصحاب عمر بن سعد سوى من جرح،
ثم ضرب حتى كسرت عضداه، ثم أسروه فأتوا به عمر بن سعد فقال له:
ويحك يا نافع، ما حملك على ما صنعت بنفسك؟
فقال:
إن ربي يعلم ما أردت، والدماء تسيل عليه وعلى لحيته،
ثم قال:
والله لقد قتلت من جندكم اثني عشر سوى من جرحت، وما ألوم نفسي على الجهد، ولو بقيت لي عضد وساعد ما أسرتموني.
فقال شمر لعمر: اقتله.
قال: أنت جئت به، فإن شئت اقتله.
فقام شمر:
فأنضى سيفه
فقال له نافع:
أما والله يا شمر لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقى الله بدمائنا،
فالحمد لله الذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه.
ثم قتله،
ثم أقبل شمر فحمل على أصحاب الحسين وتكاثر معه الناس حتى كادوا أن يصلوا إلى الحسين،