الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وسلم . وبعد :-
فإن كُلَّ إنسان يتشوق إلى السعادة الأبدية ألا وهي جنة الخلود ولكن ذنوبنا
وآثامنا وقلة أعمالنا الصالحة قد تشعرنا ببعدنا عن الجنة ،فالجنة لا
يدخلها إلا الأنقياء فقط كما قال تعالى على لسان الملائكة طِبْتُمْ
فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ
أي نُقيتُم من الذنوب فادخلوها خالدين .
إذن كيف يستطيع الإنسان الوصول إلى هذه الدرجة مع كل ذنوبه ؟
فنقول لك أخي المسلم الحبيب . إن الله عز وجل من رحمته بنا قد
عَدَّ للمؤمنين محطات للتصفية والتنقية تبدأ في الدنيا وتنتهي عند الصراط ،
وعدد هذه المحطات أحد عشر محطة –
أربعٌ في الدنيا وثلاثٌ في القبر وأربعٌ
في الآخرة ، فتعالَ معي نستعرض هذه المحطات .أولاً :- محطات التصفية في الدنيا وعددها أربع محطات :-
الأولى :-التوبة:- أول وسائل التصفية وأهمها يقول تعالى يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً (التحريم: من
الآية8) والتوبة أول علامات الفلاح يقول الله تعالى وَتُوبُوا إِلَى
اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
(النور: من الآية31) . وعن أبي حمزةَ أنس بنِ مالك الأنصاريِّ خادمِ رسولِ
الله قال : قال رسول الله : لَلَّه أفرحُ بتوبة عبدهِ من أحدكم
سقط على بعيره وقد أضلَّه في أرض فَلاةمتفق عليه .
وشروط التوبة هي :-1- الندم على الذنب .
2- ترك الذنب .
3- العزم على عدم العودة إليه .
4- إرجاع الحقوق إن كانت تتعلق بحقوق الناس .
وربما ختم الله عزَّ وجلَّ له حياته بهذه التوبة فيموت خالياً من كل ذنب .
الثانية :- الاستغفار:- وهو غير التوبة ، فالاستغفار من الذنوب التي يعلمها
والتي لا يعلمها ، والاستغفار من التقصير في حق الله عزَّ وجلَّ ،
والاستغفار من الغفلة ، والاستغفار من الطاعات التي يكون فيها شيء من
الرياء والتطلع إلى الآخرين قال رسول الله واللهِ إِني لأستغفرُ
اللهَ وَأتوبُ إليهِ في اليومِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةٍ رواه
البخاري . ومن فوائد الاستغفار الدنيوية قوله مَنْ لَزِمَ الاستغفارَ
جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً وَمِنْ كُلِّ هَمٍ فَرَجاً
وَرَزَقَهُ مِنْ حَيثُ لا يَحْتَسِبُ رواه أبو داود.
ومن فوائده الرحمة على المستغفرين قال تعالى قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ
تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (النمل:46) ومن فوائده الأمن من نزول
العذاب قال تعالىوَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ (الأنفال: من الآية33)
الثالثة :- حسناتٌ تمحو السيئات:-
فكما قال تعالىإِنَّ الْحَسَنَاتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ (هود: من الآية114) فاحرص أخي المسلم على
الإكثار من الحسنات بأنواعها ، فالمسلم الصادق يشارك في كل خير ويضرب بكل
غنيمة بسهم ، فالمسلم لا يَشبَعُ مِنْ خَيرٍ حتى يدخل الجنةَ . عن عبد
الله بن مسعود قال كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير ، فكان أبو لبابة وعلي
بن أبي طالب زميلَي رسول الله فكان إذا جاءت عُقبة -أي نوبة- رسول الله
قالا : نحن نمشي عنك ، قال : ما أنتما بأقوى مني ، وما أنا بأغنى عن الأجر
منكما . رواه في شرح السنة .
الرابعة:- المصائب:- فان ما يصيب المسلم من مصائب وآهات في الدنيا
هي من مكفرات الذنوب لمن استقبلها بقلب المؤمن العابد الراضي بقضاء الله وقدرة
قال رسول الله ما يَزالُ البَلاءُ بالمؤمِنِ والمؤمِنَةِ في نفسِهِ
وَوَلَدِهِ ومالِهِ حتى يَلقى اللهَ تعالى وما عَليةِ خَطيئَةٌ رواه
الترمذي وقال حديث حسن صحيح .
هذه المحطات الأربع هي أهم محطات التصفية من الذنوب لأننا نملكها ما دمنا
أحياءً أما بعد ذلك فهي ملك الغيب وإننا نتساءل هل نحضى بواحدة أم لا ؟
فالمسلم العاقل مَنْ يحرص على أن يُنقى وهو في الدنيا ، وأن يدخل القبر وهونقي .
ثانياً :- محطات التصفية في القبر:- وهي ثلاث محطات . والقبر بعد محطات التصفية الأربع في الدنيا
روضة من رياض الجنة لمن أصبح نقياً أو حفرة من حفر النار
لمن بقي فيه شيء من الذنوب ولكن له فرصة أخرى في النجاة عبر
محطات التصفية في القبر وهذه المحطات هي :-