كانت نوال تعلم أن السفر من الأمور التي لايمكن أن تتحقق في ظل هذه الظروف ..
إلا أن يتحقق لها أمرين إما أن يُيسر الله لوالدها مبلغاً من المال يستطيع
به أن يشتري سيارة تؤهل الأسرة ككل للسفر ومتطلباته أويرزقها الله بالزوج
الصالح الذي يستطيع أن يُريها حبيبها التي طالما كانت تتمنى أن تراه عيانا
بيانا .. لكن كيف؟؟
تضحك كثير من زميلات نوال في الجامعة حينما تبوح لهنّ بالأمنية هذه ..
فتقول إنني أتمنى أن أُشاهد المسجد الحرام والكعبة المشرفة على الطبيعه ..
أراها بعيني هاتين أراها أمامي لأسجد لخالقي ..
أطوف وأسعى بين جنباتها .. تمدني بنورها وشعاعها الروحاني الذي يسري الى القلوب
فيغذي القلب والعين والجوارح بنور الإيمان..
كانت هذه أمنية نوال الثانية.. !!!!
أن تزور الحرم المكي الذي لطالما تسمّرت أمام قناة (السعودية للقرآن الكريم )
تنظر للحرم المكي وتُمنّي النفس بتلك المشاعر المقدسة ..
كثيرا ما كانت تنتقل مع الطائفين والساعين تتخيل نفسها هناك تسير على تلك الأرض المباركة ..
تمشي هناك ..
تسير في الطواف ..
في المسعى ..
تقف أمام الكعبة الشامخه .. تتأملها وترفع يديها الى الخالق جلّ في علاه
وتدعوه .. وإن تيسر لها قبّلت الحجر الأسود .. ترى نفسها في ذلك المكان
فتدخل في جوٍّ روحاني بهيج تداعب فكرها هذه الخيالات الجميلة ..
فكانت تتقاطر دموعها حيناً لهذه الأمنية ..
يوم الاربعاء 5 محرم 1431هـ رأت المطر ينزل بغزارة على الطائفين هناك في الحرم
وأقبل ميزاب الكعبة ينثر درراً من الماء كحبات اللؤلؤ
ورأت البشر والسعادة تغمر المصلين هناك .. الى درجة أن المصور وقف عند صورة هي
ما جعلت نوال تجهش بالبكاء حين رأت أحد الداعين وقد وقف أمام الكعبة غير
آبه بالمطر يدعو ربه ويرفع ببصره نحو السماء والمطر يتساقط على رأسه وقد
ابتل منه كل شيئ .. لكن الروحانية كانت حاضرة هناك .. فروحانية في الحرم
وروحانية تجللت داخل جسد هذه الفتاة التي أحبت هذا المكان فبكت متمنيةً لو
أنها هناك وتسعد بهذه اللحظة الجميلة ..
كانت تخجل من أن تبوح لوالدها بهذه الأمنية الغاليه لعلمها بأن ظروف والدها لاتسمح ..
بقيت تدعو الله أن يرزقها الزوج الصالح الذي يسافر بها الى هناك فتُشّبعُ عينها
وتُقرُّ فؤادها برؤية الحرم المكي..
مضت الأيام ولاتزال الأمنية تكاد تنفجر في صدر البنت الصالحه وماتزال تلهج
بالدعاء لله سبحانه وتعالى أن يُيسر لها زيارة مكة المكرمة ..
في دبر الصلوات تدعو..
عند نزول الغيث تكثر من الدعاء ..
عند قيامها لصلاة الليل تبكي وتدعو الله ..
هكذا هي إذاً نوال .. إنها قيمة إنسانية إسلامية رائعه ..
بنت صالحة من منبتٍ طيب ..
همها لم يكن كهم بنات اليوم .. على الرغم من أنها تفوق أكثرهنّ
إشراقا .. وأخلاقا .. وعلما ..
توجهت لله بكل جوارحها تدعوه وتطّرح بين يديه ..أن يحقق لها هذه الأمنية ..
وفي أحد الأيام رأت ....!!!!
قريباً بإذن الله التتمه ..