الصوم أفضل أم الفطر لأصحاب الأعذار

هل الصوم أفضل أو الفطر‏؟‏ إذا قلنا أنه من أهل الفطر على مذهب الجمهور؛ فإنهم اختلفوا في ذلك على ثلاثة مذاهب‏:‏ فبعضهم رأى أن الصوم أفضل، وممن قال بهذا القول مالك وأبو حنيفة‏.‏ وبعضهم رأى أن الفطر أفضل، وممن قال بهذا القول أحمد وجماعة‏.‏ وبعضهم رأى أن ذلك على التخيير، وأنه ليس أحدهما أفضل‏.‏

والسبب في اختلافهم معارضة المفهوم من ذلك لظاهر بعض المنقول، ومعارضة المنقول بعضه لبعض وذلك أن المعنى المعقول من إجازة الفطر للصائم إنما هو الرخصة له لمكان رفع المشقة عنه، وما كان رخصة فالأفضل ترك الرخصة، ويشهد لهذا حديث حمزة بن عمرو الأسلمي خرجه مسلم أنه قال ‏"‏يا رسول الله أجد فيَّ قوة على الصيام في السفر فهل عليَّ من جناح‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه‏"‏ وأما ما ورد من قوله عليه الصلاة والسلام ‏"‏ليس من البر أن تصوم في السفر‏"‏ ومن أنَّ آخر فعله عليه الصلاة والسلام كان الفطر، فيوهم أن الفطر أفضل، لكن الفطر لما كان ليس حكما وإنما هو فعل المباح عسر على الجمهور أن يضعوا المباح أفضل من الحكم‏.‏ وأما من خيِّر في ذلك فلمكان حديث عائشة قالت ‏"‏سأل حمزة بن عمرو الأسلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصيام في السفر فقال‏:‏ إن شئت فصم وإن شئت فأفطر‏"‏ خرجه مسلم‏.‏

=======
المصدر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد.