الثالثة عشر من سلسلة قراءة فى زاد المعاد فى هدى خيرالعباد الثالثة عشر
من سلسلة قراءة فى كتاب
زاد المعاد فى هدى خيرالعباد
تأليف شيخ الاسلام
محمد بن ابى بكر ايوب الزرعى الدمشقى
الشهير بابن قيم الجوزية691-751هجرية
[لَا حَرَجَ فِي اغْتِسَالِ الْجُنُبِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَفِي تَقْبِيلِ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ]
فَصْلٌ
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْرِكَهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَيَغْتَسِلُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَيَصُومُ.
( «وَكَانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ» )
وَشَبَّهَ قُبْلَةَ الصَّائِمِ بِالْمَضْمَضَةِ بِالْمَاءِ.
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أبو داود عَنْ مصدع بن يحيى، عَنْ عائشة،
أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( «كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ وَيَمُصُّ لِسَانَهَا» )
فَهَذَا الْحَدِيثُ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ،
فَضَعَّفَهُ طَائِفَةٌ بمصدع هَذَا، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ،
قَالَ السعدي:
زَائِغٌ جَائِرٌ عَنِ الطَّرِيقِ،
وَحَسَّنَهُ طَائِفَةٌ وَقَالُوا:
هُوَ ثِقَةٌ صَدُوقٌ،
رَوَى لَهُ مسلم فِي " صَحِيحِهِ "،
وَفِي إِسْنَادِهِ محمد بن دينار الطاحي البصري،
مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَيْضًا،
قَالَ يحيى: ضَعِيفٌ،
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ:
لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ،
وَقَالَ غَيْرُهُ:
صَدُوقٌ،
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ:
قَوْلُهُ:
وَيَمُصُّ لِسَانَهَا
لَا يَقُولُهُ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ،
وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ،
وَفِي إِسْنَادِهِ أَيْضًا سعد بن أوس مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَيْضًا،
قَالَ يحيى:
بَصْرِيٌّ ضَعِيفٌ،
وَقَالَ غَيْرُهُ:
ثِقَةٌ،
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. . .
تعليق الكاتب:
يعنى أقل مايمكن ان نقوله عن هذا الحديث =أنه لا تقوم به حجة=
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أحمد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ميمونة مولاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ:
" «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُمَا صَائِمَانِ، فَقَالَ: قَدْ أَفْطَرَ» "
فَلَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَفِيهِ أبو يزيد الضني،
رَوَاهُ عَنْ ميمونة، وهي بنت سعد،
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ:
لَيْسَ بِمَعْرُوفِ، وَلَا يَثْبُتُ هَذَا،
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ:
هَذَا لَا أُحَدِّثُ بِهِ، هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وأبو يزيد رَجُلٌ مَجْهُولٌ.
وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
التَّفْرِيقُ بَيْنَ الشَّابِّ وَالشَّيْخِ، وَلَمْ يَجِئْ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ،
وَأَجْوَدُ مَا فِيهِ
حَدِيثُ أبي داود عَنْ نصر بن علي، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ:
حَدَّثَنَا إسرائيل، عَنْ أبي العنبس، عَنِ الأغر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
( «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، فَرَخَّصَ لَهُ، وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَإِذَا الَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ» )
وإسرائيل وَإِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ ومسلم قَدِ احْتَجَّا بِهِ وَبَقِيَّةُ السِّتَّةِ،
فَعِلَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأغر فِيهِ أبا العنبس العدوي الكوفي، واسمه الحارث بن عبيد، سَكَتُوا عَنْهُ.
[صِحَّةُ صِيَامِ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا]
فَصْلٌ وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِسْقَاطُ الْقَضَاءِ عَمَّنْ أَكَلَ وَشَرِبَ نَاسِيًا، وَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ، فَلَيْسَ هَذَا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ يُضَافُ إِلَيْهِ فَيُفْطِرُ بِهِ، فَإِنَّمَا يُفْطِرُ بِمَا فَعَلَهُ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ فِي نَوْمِهِ، إِذْ لَا تَكْلِيفَ بِفِعْلِ النَّائِمِ، وَلَا بِفِعْلِ النَّاسِي.