المقالة السادسة والستون بعد المائة من سلسلة السيرة النبوية 4-غزوة تبوك المقالة السادسة والستون بعد المائة
من سلسلة السيرة النبوية4-
غزوة تبوك
مروره صلَّى الله عليه وسلَّم في ذهابه إلى تبوك بمساكن ثمود بالحجر
قال ابن إسحاق:
وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين مرَّ بالحجر نزلها، واستقى النَّاس من بئرها، فلمَّا راحوا.
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:
((لا تشربوا من مياهها شيئاً ولا تتوضئوا منه للصَّلاة، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئاً)).
هكذا ذكره ابن إسحاق بغير إسناد.
وقال الإمام أحمد:
حدَّثنا يعمر بن بشر، حدَّثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا: معمر عن الزُّهري أخبرني: سالم بن عبد الله عن أبيه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لما مرَّ بالحجر.
قال:
((لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم))وتقنَّع بردائه وهو على الرَّحل.
ورواه البخاري من حديث عبد الله بن المبارك، وعبد الرزاق، كلاهما عن معمر بإسناده نحوه.
وقال مالك عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال لأصحابه:
((لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم)).ورواه البخاري من حديث مالك، ومن حديث سليمان بن بلال، كلاهما عن عبد الله بن دينار.
ورواه مسلم من وجه آخر عن عبد الله بن دينار نحوه.
وقال الإمام أحمد:
حدَّثنا عبد الصمد، حدَّثنا صخر - هو ابن جويرية - عن نافع، عن ابن عمر، قال:
نزل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالنَّاس عام تبوك الحجر عند بيوت ثمود فاستقى النَّاس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا ونصبوا القدور باللَّحم.
فأمرهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأهرقوا القدور، وعلفوا العجين الإبل، ثمَّ ارتحل بهم حتَّى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها النَّاقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عُذِّبوا.
فقال:
((إنِّي أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم)).وهذا الحديث إسناده على شرط الصَّحيحين من هذا الوجه، ولم يخرِّجوه.
وإنَّما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أنس بن عياض عن أبي ضمرة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر به.
قال البخاري:
وتابعه أسامة عن عبيد الله.
ورواه مسلم من حديث شعيب بن إسحاق عن عبيد الله عن نافع به.
وقال الإمام أحمد:
حدَّثنا عبد الرزاق، حدَّثنا معمر عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر قال: لما مرَّ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالحِجر قال:
((لا تسألوا الآيات، فقد سألها قوم صالح، فكانت ترد من هذا الفجّ، وتصدر من هذا الفجّ، فعتوا عن أمر ربهم، فعقروها، وكانت تشرب ماءهم يوماً، ويشربون لبنها يوماً، فعقروها، فأخذتهم صيحة أهمد الله من تحت أديم السَّماء، منهم إلا رجلاً واحداً كان في حرم الله)).قيل: من هو يا رسول الله؟
قال:
((هو أبو رغال فلمَّا خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه)).إسناده صحيح ولم يخرِّجوه.
وقال الإمام أحمد:
حدَّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا: المسعودي عن إسماعيل بن واسط عن محمد ابن أبي كبشة الأنماري، عن أبيه قال:
لما كان في غزوة تبوك تسارع النَّاس إلى أهل الحجر، يدخلون عليهم، فبلغ ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فنودي في النَّاس: الصَّلاة جامعة.
قال: فأتيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو ممسك بعيره، وهو يقول:
((ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم)).فناداه رجل:
نعجب منهم؟
قال:
((أفلا أنبِّئكم بأعجب من ذلك، رجل من أنفسكم ينبِّئكم بما كان قبلكم، وما هو كائن بعدكم، فاستقيموا وسدِّدوا، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئاً، وسيأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئاً)).إسناده حسن ولم يخرِّجوه.