من قصص الصالحين الإمام علي يشيع جنازة ويعظ الناس
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن عليا رضي الله عنه شيع
جنازة فلما وضعت في لحدها عج أهلها وبكوها فقال ما تبكون
أما والله لو عاينوا ما عاين ميتهم لأذهلتهم معاينتهم عن ميتهم
وإن له فيهم لعودة ثم عودة حتى لا يبقي منهم أحداً. ثم قام فقال:
أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب لكم الأمثال ووقت
لكم الآجال وجعل لكم أسماعا تعي ما عناها وأبصارا لتجلو
عن غشاها وأفئدة تفهم ما دهاها إن الله لم يخلقكم عبثا ولم يضرب
عنكم الذِّكْر صفحا بل أكرمكم بالنعم السوابغ وأرصد لكم ا
لجزاء فاتقوا الله عباد الله وجِدّوا في الطلب وبادروا بالعمل قبل هادم
اللذات فإن الدنيا لا يدوم نعميها ولا تؤمن فجائعها غرور حائل
وسناد مائل. اتعظوا عباد الله بالعبر وازدجروا بالنذر وانتفعوا
بالمواعظ فكأن قد علقتكم مخالب المنية وضمنتم بيت التراب
ودهمتكم مفظعات الأمور بنفخة الصور وبعثرة القبور وسياق المحشر
وموقف الحساب بإحاطة قدرة الجبار كل نفس معها سائق يسوقها
لمحشرها وشاهد يشهد عليها
{وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء
وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون} [الزمر: 69]
فارتجت لذلك اليوم البلاد ونادى المنادي وحشرت الوحوش
وبدت الأسرار وارتجت الأفئدة وبُرّزت الجحيم قد تأجج جحيمها
وغلا حميمها. عباد الله اتقوا الله تقية من وجل وحذر وحذر وأبصر
وازدجر فاحتث طلباً ونجا هرباً وقدم للمعاد واستظهر بالزاد
وكفى بالله منتقما ونصيرا وكفى بالكتاب خصما وحجيجا وكفى
بالجنة ثوابا وكفى بالنار وبالا وعقابا وأستغفر الله لي ولكم.
يتبع ..