هل تعرف شيئا عن الإمام البخاري
دائما تسمع رواه البخاري
هل تعرف شيئا عن الإمام البخاري
أمير أهل الحديث
الإمام الجليل والمحدث العظيم محمد بن إسماعيل البخاري أمير أهل الحديث
وصاحب أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، يقول البخاري:
صنفت الصحيح في ست عشرة سنة وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى.
ولم يشهد تاريخ الإسلام مثله في قوة الحفظ ودقة الرواية والصبر على البحث
مع قلة الإمكانات، حتى أصبح منارة في الحديث وفاق تلامذته وشيوخه
على السواء.
ويقول عنه أحد العلماء: لا أعلم أني رأيت مثله كأنه لم يخلق إلا للحديث.
نسبه ومولده:
هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري
وكلمة بردزبه تعني بلغة بخارى "الزراع"
أسلم جده "المغيرة" على يدي اليمان الجعفي والي بخارى وكان مجوسيا وطلب
والده إسماعيل بن إبراهيم العلم والتقى بعدد من كبار العلماء، وروى إسحاق
بن أحمد بن خلف أنه سمع البخاري يقول سمع أبي من مالك بن أنس ورأى حماد بن
زيد وصافح ابن المبارك بكلتا يديه.
ولد أبو عبد الله في يوم الجمعة الرابع من شوال سنة أربع وتسعين.
ويروى أن محمد بن إسماعيل عمي في صغره فرأت والدته في المنام إبراهيم
الخليل عليه السلام فقال لها يا هذه قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك
أو كثرة دعائك شك البلخي فأصبحت وقد رد الله عليه بصره.
قوة حفظه وذاكرته
ووهب الله للبخاري منذ طفولته قوة في الذكاء والحفظ من خلال ذاكرة قوية
تحدى بها أقوى الاختبارات التي تعرض لها في عدة مواقف.
يقول محمد بن أبي حاتم: قلت لأبي عبد الله: كيف كان بدء أمرك قال ألهمت حفظ
الحديث وأنا في الكتاب فقلت كم كان سنك فقال عشر سنين أو أقل ثم خرجت من
الكتاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره فقال يوما فيما كان يقرأ
للناس سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن
إبراهيم فانتهرني فقلت له ارجع إلى الأصل، فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي:
كيف هو يا غلام؟ قلت:هو الزبير بن عدي عن إبراهيم.
فأخذ القلم مني وأحكم( أصلح) كتابه وقال: صدقت.
فقيل للبخاري ابن كم كنت حين رددت عليه قال ابن إحدى عشرة سنة.
ولما بلغ البخاري ست عشرة سنة كان قد حفظ كتب ابن المبارك ووكيع.
وقال محمد بن أبي حاتم الوراق سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان كان أبو
عبد الله البخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام فلا يكتب حتى أتى
على ذلك أيام فكنا نقول له إنك تختلف معنا ولا تكتب فما تصنع فقال لنا يوما
بعد ستة عشر يوما إنكما قد أكثرتما على وألححتما فاعرضا على ما كتبتما
فأخرجنا إليه ما كان عندنا فزاد على خمسة عشر ألف حديث فقرأها كلها عن ظهر
قلب حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه ثم قال أترون أني أختلف هدرا وأضيع أيامي
فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد.
وقال ابن عدي حدثني محمد بن أحمد القومسي سمعت محمد ابن خميرويه سمعت محمد
بن إسماعيل يقول أحفظ مائة ألف حديث صحيح وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح
قال وسمعت أبا بكر الكلواذاني يقول ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل كان يأخذ
الكتاب من العلماء فيطلع عليه اطلاعة فيحفظ عامة أطراف الأحاديث بمرة.
طلبه للحديث
رحل البخاري بين عدة بلدان طلبا للحديث الشريف ولينهل من كبار علماء
وشيوخ عصره في بخارى وغيرها.
وروي عن البخاري أنه كان يقول قبل موته: كتبت عن ألف وثمانين رجلا
ليس فيهم إلا صاحب حديث كانوا يقولون الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
ونعود إلى البخاري في رحلته في طلب العلم ونبدأها من مسقط رأسه بخارى فقد
سمع بها من الجعفي المسندي ومحمد بن سلام البيكندي وجماعة ليسوا من كبار
شيوخه ثم رحل إلى بلخ وسمع هناك من مكبن بن إبراهيم وهو من كبار شيوخه وسمع
بمرو من عبدان بن عثمان وعلي بن الحسن بن شقيق وصدقة بن الفضل. وسمع
بنيسابور من يحيى بن يحيى وجماعة من العلماء وبالري من إبراهيم بن موسى.
وفي أواخر سنة 210هـ قدم البخاري العراق وتنقل بين مدنها ليسمع من شيوخها
وعلمائها. وقال البخاري دخلت بغداد آخر ثمان مرات في كل ذلك أجالس أحمد بن
حنبل فقال لي في آخر ما ودعته يا أبا عبد الله تدع العلم والناس وتصير إلى
خراسان قال فأنا الآن أذكر قوله.
ثم رحل إلى مكة وسمع هناك من أبي عبد الرحمن المقرئ وخلاد بن يحي
وحسان بن حسان البصري وأبي الوليد أحمد بن محمد الأزرقي والحميدي.
وسمع بالمدينة من عبد العزيز الأويسي وأيوب بن سليمان بن بلال وإسماعيل بن أبي أويس.
وأكمل رحلته في العالم الإسلامي آنذاك فذهب إلى مصر ثم ذهب إلى الشام وسمع
من أبي اليمان وآدم بن أبي إياس وعلي بن عياش وبشر بن شعيب وقد سمع من أبي
المغيرة عبد القدوس وأحمد بن خالد الوهبي ومحمد بن يوسف الفريابي وأبي مسهر
وآخرين.
وفاة البخاري
توفي البخاري ـ رحمه الله ـ ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين
وقد بلغ اثنتين وستين سنة، وروي في قصة وفاته عدة روايات منها:
قال محمد بن أبي حاتم سمعت أبا منصور غالب بن جبريل وهو الذي نزل عليه أبو
عبد الله يقول: إنه أقام عندنا أياما فمرض واشتد به المرض، فلما وافى تهيأ
للركوب فلبس خفيه وتعمم فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها وأنا آخذ بعضده
ورجل آخذ معي يقوده إلى الدابة ليركبها فقال رحمه الله أرسلوني فقد ضعفت
فدعا بدعوات ثم اضطجع فقضى رحمه الله فسال منه العرق شيء لا يوصف فما سكن
منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه وكان فيما قال لنا وأوصى إلينا أن
كفنوني في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ففعلنا ذلك فلما دفناه
فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك فدام ذلك أياما ثم علت سواري
بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره فجعل الناس يختلفون ويتعجبون وأما التراب
فإنهم كانوا يرفعون عن القبر حتى ظهر القبر ولم نكن نقدر على حفظ القبر
بالحراس وغلبنا على أنفسنا فنصبنا على القبر خشبا مشبكا لم يكن أحد يقدر
على الوصول إلى القبر فكانوا يرفعون ما حول القبر من التراب ولم يكونوا
يخلصون إلى القبر وأما ريح الطيب فإنه تداوم أياما كثيرة حتى تحدث أهل
البلدة وتعجبوا من ذلك وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته وخرج بعض مخالفيه
إلى قبره وأظهروا التوبة والندامة مما كانوا شرعوا فيه من مذموم المذهب قال
محمد بن أبي حاتم ولم يعش أبو منصور غالب بن جبريل بعده إلا القليل وأوصى
أن يدفن إلى جنبه.
وقال محمد بن محمد بن مكي الجرجاني سمعت عبد الواحد بن آدم الطواويسي يقول
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في
موضع فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت ما وقوفك يا رسول الله قال أنتظر محمد
بن إسماعيل البخاري فلما كان بعد أيام بلغني موته فنظرت فإذا قد مات في
الساعة التي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
رحم الله الإمام البخاري رحمة واسعة
وجزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين