ولكن تبقى العناية الإلهية فوق كل ذلك في طفولتها علموها أن الحب حرام
و في مراهقتها قالوا لها أن الحب ما هو إلا كلام
و في شبابها حاولوا إقناعها بأن تمثل دور الفريسة
فالشاب يعشق أداء دور الصياد.
و عندما تأخر سن زواجها قليلاً تكالبوا عليها كالوليمة
حاولوا إجبارها على قبول أي رجل
بحجة أن الفتاة بدون زوج كالجسد بدون رداء
حزنت و في أوقات كثيرة أصابها اليأس.. و لكنها رفضت
أن تجاريهم رفضت أن تصبح مجرد أداة لأي شخص
رفضت أحساسها بـ كونها خطيئة يجب أن يتم وأدها
لم تفهم لِما كل هذا ؟
و مع شعورها بالضعف لم تستسلم لكلماتهم
لم ترضخ لـ طريقة معاملتهم لها على أنها عورة
رفضت و طوت صفحة قلبها و ما لم تتوقع
حدوثه أبداً أنه و بالرغم من كل ما مرت به و برغم ذلك اليأس الذي
إعتراهاظهر ذلك الحبيب الذي تمنته و لم يظهر فقط بل و أحبها
وصلتني هذه الكلمات على هيئة رسالة في بريدي ..
فأحببت أن أضيفها هنا علي بذلك أخرج جزءا من غضبي
وضيقي من مجتمع ما زال يملك جزءا من أفكار الجاهلية..
فتبا لمجتمع علم الطفلة أن الحب حرام ولم يعلمها أن الحب
من أسمى القيم في هذه الحياة وبدونه لا حياة..
تبا لمجتمع علمها أن الحب حرام ولم يخبرها أن حب الله ربي
وخالقي وسيدي ومولاي فوق كل حب وبه نسعد في الدنيا والآخرة.
تبا لمجتمع لم يعلمها كيف تحب أباها وأمها وإخوتها.
لم يعلمها كيف تقبل رأس أبويها..كيف تقبل أياديهم.
بل علموها أن للحب مقابل..أحبيني لأخرجك إلى مشوار
أو لأعطيك هدية أو حلاوة..
وعندما كبرت قليلا وأصبحت مراهقة وفهمت قيمة حبها لأهلها
وأحبابها منعوها أن تعبر عن هكذا حب
وكأن التعبير عن مشاعر جميلة كهذه
هي ضعف وعورة لا يجوز لها من الإفصاح عنها
علموها أن لا تحضن أباها وأخوتها كل ما اشتاقت لهم
علموها أن تخجل من تقبيل رأسي أبيها وأمها كل ما رأتهم
وكأنهم بذلك يحفظوا عزتها..فهي حيية خجولة
ولم يعلموا أنهم هكذا سيبعدونها عنهم أكثر
أصبحت بذلك لا تقوى على الدعاء لهم في حضرتهم
أصبحت لا تقدر على قول أبي الحبيب أو أمي الغالية إلا في سرها وقلبها
فالتعبير بها دليلا على سخافتها وضعفها بل وقلة أدبها في أحيان أخرى.
أصبحت تمتنع عن الإفصاح عن مشاعرها لأخوتها خوفا من أن يفهموها خطأ.
أو يعتقدونها فاضية متفرغة..ناقصة عقل لا تفهم من حياتها
أو تعي غير هذه المشاعر.فأصبحت تحاول أن تحل شعورها
بالجفاف العاطفي بطريق ضال هالك
تبا لمجتمع علم المراهقة بأن حب المرأة للرجل ما هو إلا كلام المسلسلات
والأفلام ولم يعلمها كيف أحب حبيبنا محمدا زوجه عائشة
وكيف أحب من قبلها خديجة..
فكان هذا الحب مثالا مقدسا قد يحتذي به كل الأزواج
ولكنه بدلا من ذلك روى لها حب عنتر لعبلة
وحب قيس لليلى..وحب روميو لجولييت.
وعبر عن هؤلاء وكأنهم أبطال عصورهم
بل وجمل حبهم في نفوس الناس فأسماه الحب العذري
ليكون بذلك حبا طاهرا بعيدا عن أي خطأ..
وما هو في الحقيقة إلا حبا زائفا في قلوب مرضى ومجانين.
حبا ممنوعا حراما فهو خارج نطاق الرباط المقدس.
.مشاعر محرمة قد أودى بهم إلى زنى العين والأذن.
.أودى بهم إلى كبائر..فسحقا لهكذا ٌأبطال
وتبا لمجتمع عظم أصحاب الكبائر وجعلهم عظماء وأبطال
تبا لمجتمع أفسد عقول المراهقات بنشر أفلام إباحية ومسلسلات تركية.
.فتزين الزناة والبغاة في عيون المجتمع لتجعلهم أبطالا للقصص
ومجاهدين للحب الزائف والعشق الحرام..
وكأن الحياة ما خلقت إلا للحصول على هكذا حب وهكذا قذارة
مهما كانت التحديات أو العقبات..
ولم يجهلوا أولئك الأبطال بل الجهلة الفاسدين بأن كل ما أصابهم
ويصيبهم وسيصيبهم هو عقاب من الله جل جلاله لأنهم غيروا الطبيعة
والنظام. غيروا الفطرة البشرية
عصوا الله وأعرضوا عن أوامره..فويلا لهم من حياة دنيوية
مليئة بالضنك والخوف والرعب والقلق وآخرة تصلي أجسادهم
بنار جهنم
نعم قد ينهوا مسلسلاتهم بالفرح والسعادة..
ولكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك.
.فالحقيقة أنهم يعيشون حياة مليئة بالأكتئاب والقلق والأمراض النفسية
.حياة مشتتة مكدرة بالأحزان والهموم..
وصدق ربي جل جلاله حين قال:
((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا
وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا
* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى))
تبا لمجتمع أخبر الشابة أن عليها أن تلفت أنظارها للشباب حتى لا يتأخر
زواجهاأمرها بأن تلبس الشيل المليئة بالزينة بدلا من المحشومة الهادئة
وطلب منها أن تضع الكحل والماكياج الصاخب الملفت للأنظار.
.تبا لمجتمع متناقض يأمرها بالستر تنفيذا لأوامر الله ورسوله
ثم يطلب منها أن تلفت الأنظار بطرقها المختلفة.
.علها بذلك تتزوج سريعا فلا تبقى عبئا ثقيلا لمجتمعها
وأهلها وأسرتها..فبوجودها تكثر الهموم..وبها ترتفع الضغوط
تبا لمجتمع عامل الفتاة إن تأخر زواجها
وكأنها شيئا زائدا يجب التخلص منه سريعا.
.فيبدأ إجبارها لتتزوج من أناس لا يملكون الأخلاق والدين.
أناس لا يناسبونها فكرا أو علما وثقافة..
أناس يبعد فكرهم عن فكرها بعد المشرق والمغرب
تبا لمجتمع يحاول التخلص منها بشتى الطرق وكأنها جريمه
توقع الذل والمهانة والعار في قلوب أصحابها وذويها
ولكن رغم كل ذلك..ورغم كل هذه الأفكار البالية
والجاهلية المتقدمة..والآراء المتطرفة...
تبقى العناية الإلهية فوق كل ذلك..
فكثيرات ممن واجهن هكذا مجتمعات وتحملن الذل والمهانة
عوضهن الله بخير الرجال..ورزقهن الله أزواج صالحين
فنشأ بينهم داخل هذا الرباط المقدس حبا رائعا ليحتذوا بذلك بحذو
حبيبنا محمد لخديجة وعائشة..وحب علي لفاطمة..
فتبقى رحمة الله ورعايته تحفظ كل ضعيف ومظلوم..
ويبقى قول ربي جل جلاله يتردد على مسامعي
لأبقى قوية صابرة في مجتمع جاهلي يدعي التحضر والتمدن:
{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ
وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}