بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحِيمِ
السَلامُ عَليكُمُ وَ رَحمةُ اللهِ وَ بَرَكَاتُه
الحمد لله رب العالمين، حمد عباده الذاكرين
حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده
وصلاة و سلاماً على المبعوث رحمةً للعالمين
سيدنا محمد صلى الله وسلم
تعالو نختلف
من خلال رؤيتى لأمور الناس حولي وما يدور في مجالسنا
وجدت أننا نعيش خلافاً على جميع المستويات
ولا أقصد هنا الخلاف الحاصل بين الأشخاص
الذين تسلط عليهم الشيطان , وضعفت عقولهم
فأصبحوا يهجرون السنين الطوال لأجل خطأ تافه
أو بدون خطأ – وهو الأكثر – بل لمجرد الأوهام .
وإنما قصدت هنا الخلاف الذي ينشب كثيراً بين أصحاب المجلس الواحد
أوفي موقف من المواقف , أو رأي من الآراء
وتتعال الأصوات انتصاراً لهذا الرأي
وبرهاناً على صحة القول , والخلاف أمراً أراه طبيعياً
لاختلاف المفاهيم والعقول .
ولكن الأمر الغير طبيعي أن يكون هذا الخلاف سببٌ لوغر الصدور
والنفرة بين الأصحاب , وربما كان سبباً للقطيعة الطويلة والهجران
أو على أقل تقدير
أن يكون في النفس شيء على الأخوان أو تسفيهاً لرأيهم
ولذا كان أصحاب العقول الكبيرة لا يكترثون بهذا الخلاف .
وأذكر في هذا المجال اثنان من أحبابنا متآخين منذ أكثر من عشرين عاماً
أدام الله مودتهم وثبتها – وحينما يكونون بيننا في المجلس نراهم من أشد
الناس خلافاً في الآراء , ومع ذا فلا يخرجون من المجلس إلا سوياً
وامتدت – وما زالت - علاقتهم هذه السنين الطوال
وما ذاك إلا لكمال عقولهم .
إن أعظم شيء يفعله المرء عند الخلاف هو التنازل عن بعض الرأي
وعدم التعصب المقيت له , وكم من رأي وطريقة كنا نظنها هي الأنسب
في هذا المقام ومع تقدم الزمان واكتساب الخبرة في الحياة تبين لنا خلاف ذلك .
ونقطة أخرى مهمة
لو نظرنا في اختلافنا نجده في الغالب على أمور تافه يمكننا حلها دون مشاكل
, أو خلاف في أمور نحن بعيدين كل البعد عن إصدار قرار لها سواء كان
في الشأن السياسي أو الاجتماعي أو غيرها مما هو متعلق في الأمور العامة
ومع ذا تجد أننا نختلف ونتخاصم وليس بأيدينا تطبيق أي حل نطرحه .
إذا كان الاختلاف يحتاج لسنين حتى تعود المحبة
من جديد فأين الفضيلة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم
(أفضل الفضائل: أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك)
يا الله... كم أتمنى لو ارتقيت بروحي ونفسي الى درجة القدرة
على التحلي بهذه الصفة النبوية ...
ترى هل بيننا من يستطيع العفو عمن ظلمه
أو حتى وصل من قطعه؟؟
هل أنا شريرة جدا لأني لا أستطيع ذلك؟
وإذا كان الاختلاف يؤدي إلى -- الهجر -- فأين تذهب المحبة؟؟
وإذا كان الاختلاف يؤدي إلى --الأحقاد -- فأين تذهب الرحمه ؟؟
لا بد من وقوع الإختلافات بين الناس فهي سنه من سنن الحياه
ولا ننسى ان الانسان بشر و هو معرض للخطأ .
ليس الاختلاف هو ما يؤدي الى تلك الفرقة بين الناس،
وانما هي استيلاء الذاتية على كل من طرفي المعادلة،
كل يرى أن الأشياء يجب أن تسير بما يخدم ارادته ومصالحه،
ولما كان الخلاف يعني ان المصالح ليست متفقة،
فان الارادات ستتضارب وستنشأ النزاعات
بسبب الذاتية في التحكيم
أخي؛ أختى .. سأذكر لكم نماذج للخلاف يمكن قياس غيرها عليها .
على المستوى العام
تعالو نختلف على أن المسلمين أنما أصابهم الذل والهوان بسبب كذا وكذا
ولكننا نتفق في النهاية أنهم في مؤخرة الركب ,
وهم بحاجة لرفع الذل عنهم .
تعالو نختلف على أي الطرق مناسب للتغير في المجتمع المدني أو على
المستوى الأسري – بين الزوجين
ولكننا نتفق أننا بحاجة للترقي على جميع المستويات .
تعالو نختلف في أن الوضع المعيشي في هذه السنة أغلى منه في العام
الذي قبله
ولكننا نتفق أن كلا العامين زاد فيهما الغلا .
تعالو نختلف على أننا ينقصنا كذا وكذا حتى نصلح أحوالنا
ولكننا نتفق أننا بحاجة للإصلاح .
وعلى المستوى الفردي
تعالو نختلف على أن الجهاز كذا أفضل من جهاز كذا
ولكننا نتفق أن كلاهما جيد .
تعالو نختلف أن البلد الفلاني أجمل من البلد الفلاني
ولكننا نتفق أن كلا البلدين جميل .
تعالو نختلف ونحن في سفر على أن المتعة والنزهة
أن نذهب إلى مكان كذا أو مكان كذا
ولكننانتفق أننا بحاجة للنزهة
بل تعالو نختلف على أنه بيننا خلاف
ولكننا نتفق أنه موجود وبحاجة للحلول .
إذاً آلا ترون أخوتى أننا نستطيع أن نتفق ؟